«بركة رمضان».. أغنية صاغت كلماتها ألسنة الصبايا
الإثنين 12/أبريل/2021 - 12:26 ص
أحمد زكي
كم من أغنية، كَتبت كلماتها الذاكرة الشعبية، واشتهرت بين الناس دون أن يعرفوا مؤلفها الأصلي.. ثم يأتي صُنّاعُ الموسيقى فيُدخِلون عليها بعض التعديلات، سواءً بالحذف أو الإضافة ليتم إعادة إنتاجها في قالب جديد.
بركة رمضان
وكما صمد الأصل، فإن النسخة أيضًا تبقى صامدة لعقود، وربما لقرون، في مواجهة الاندثار، وكما خلّدت الذاكرةُ الجماهيريةُ أغنيةً لا يُعرف قائلها الأول، فإنها أيضًا تحافظ على النسخة الجديدة التي أصبحت معروفة بين الناس بـ«أب شرعي»، مؤلف، وملحن، ومطرب.
أغاني رمضان
من هذه الأغاني «يا بركة رمضان.. خليكي في الدار.. يا بركة رمضان.. إمْلِي دارنا عمار»، وعلى شاطيء نهر النيل وفي رحاب العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي اعتاد الفنان الراحل محمد رشدي أن يقضي الأيام الأخيرة من شهر رمضان بين أهله في مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، يستمتع بلحظات الغروب حين يسقط قرص الشمس فوق صفحة النيل الخالد، وتداعب أذنيه أصوات طيور اللقلق حين تحط فوق الماء لتلتقط سمكة صغيرة ثم تحلق بجناحيها في الهواء، فيتبعها بناظريه حتى تتوه وسط عتمة الغروب.
ذات مساءٍ صيفيٍ، وبعد أن أدى صلاة العشاء والتراويح بمسجد إبراهيم الدسوقي خرج إلى شاطئ النيل وامتد به الجلوس هناك في مواجهة المسجد الإبراهيمي، حتى اقترب موعد السحور، وفي طريق العودة إلى بيت العائلة، صادف بعض النسوة يجلسن أمام بيوتهن يتسامرن ويحكين ذكرياتهن عن الشهر الفضيل الذي بدأت تباشيره في الأزقة والشوارع، فتلك فتيات يتسابقن في صنع الزينة من أوراق الكتب القديمة يصبغونها بالألوان ويلضمنها في خيوط طويلة ويتناولنها الأولاد ليبدأوا في تعليقها فوق الأسطح.
اقرأ أيضًا.. «مدفع رمضان».. عادة مصرية صنعتها الصدفة
الفنان الذي ولد وعاش معظم حياته في هذه المدينة، التقطت أذناه قول إحدى السيدات «يابركة رمضان.. خليكي في الدار»، لتضيف إحداهنّ «إملي دارنا عمار»، فوقعت في قلبه.
هرع إلى موقف سيارات الأجرة، واستقل أول سيارة متجهة إلى الإسكندرية، وهناك التقى الشاعر محمد الشهاوي وراح يعيد عليه المطلع الذي التقطته أذناه من ألسنة الصبايا، وطلب منه أن يكتب أغنيةَ وداعٍ للشهر الفضيل، وطلب منه أن يحافظ على نفس المطلع، ثم انطلقا إلى الملحن حسين فوزي الذي أنجز لحنَها فورًا وأنتجتها إذاعة الإسكندرية في عام 1965م.