جنون الارتياب.. مرض نفسي صعب التشخيص والعلاج.. تعرفي على أعراضه
الأربعاء 31/مارس/2021 - 03:10 م
جنون الارتياب، أو ما يعرف بـ«البارانويا» (Paranoia) هو اضطراب نفسي عصبي يشعر خلاله المريض بفقد الثقة بالناس، والريبة منهم والاعتقاد بوجود تهديد ما، فهو يشعر بالخطر والملاحقة من الآخرين، وبأن هناك أشخاصا يراقبونه أو يحاولون إلحاق الأذى به بالرغم من عدم وجود دليل على ذلك، وهو ما يتسبب في مشاكل اجتماعية وأسرية.
ما جنون الارتياب أو البارانويا؟
يقول الدكتور مدحت دمرداش، استشاري الصحة النفسية وعلاج الادمان والارشاد الاسري: إن جنون الارتياب هو نمط دائم من الخبرة الداخلية والسلوك المنحرف عند المصاب عن المعدل الطبيعي لثقافة الفرد العادي، ويمتاز بطريقة تفكير غريبة الأطوار، ويتجلى ذلك بوضوح في منطقتين؛ الإدراك (الوجدان)، والأداء الشخصي في العلاقات مع الغير (الانفعال).وأوضح استشاري الصحة النفسية وعلاج الادمان والارشاد الاسري، أن هذا المرض يبدأ ظهوره لدى المصاب في مرحلة البلوغ المبكر أو المراهقة، ويتميز بنموذج سائد طويل الأمد من الارتياب وانعدام الثقة في دوافع الآخرين، لافتراض شبه دائم بتواجد الحقد لديهم.
وأضاف الدكتور مدحت دمرداش، أن الذي يعاني من هذا الاضطراب يفترض توجه الآخرين لاستغلاله أو إضراره أو خداعه بشكل مفرط، وبالتالي يفقد الثقة في مصداقية من حوله، ونتيجة لحالة التيقظ الدائمة، يتعرض إلى صعوبات في بناء العلاقات مع الأشخاص في دائرته الصغيرة، فتصبح جميع علاقاته الشخصية والمهنية (الأزواج، الأصدقاء، زملاء العمل)، مهددة بالفشل والضرر.
اقرأ يضا..
بينها تنميل الأطراف.. أعراض تنبهك للإصابة بـ«اضطراب الهلع»
أعراض مرض جنون الارتياب
وقال الدكتور مدحت: إن من أهم الأعراض عند المصاب بمرض جنون الارتياب أو البارانويا ما يلي:- الريبة المتكررة غير المبررة في وفاء الزوج/الشريك، بسبب الشك في التزام الآخرين.
- رصد تهديدات مبطنة مخفية مهينة موجهة له، لا يراها الآخرون.. حتى في الملاحظات البريئة أو النظرات العادية أو المواقف حسنة النوايا، وبناء عليه، يقوم برد فعل غاضب وانتقام سريع.
- الميل بشدة إلى الاستقلالية والاكتفاء الذاتي.
- الامتناع عن الكشف عن معلوماته للغير، خوفًا من استخدامها ضده.
- برودة في المشاعر والبعد في العلاقات مع الآخرين.
- قد يصاب بالغيرة، ويتولى زمام التحكم.
- العدوانية، فهو عدواني مولع بالجدل، ولا يتقبل النقد. ولا يتمكن من تبين موقعه في المشكلة، فهو دومًا على صواب.
- إضمار الضغينة والحقد، فلا يسامح ولا ينسى الإهانة. مفرط الحساسية، ويواجه صعوبة في الاسترخاء.
أسباب الإصابة بجنون الارتياب
وأضاف استشاري الصحة النفسية، أنه حتى اليوم، لا تزال العوامل المسببة لمرض جنون الارتياب أو البارانويا غير واضحة، ولكن يميل المختصون إلى ترجيح تأثير النموذج البيولوجي النفسي- الاجتماعي للسببية.وأوضح أن هذا النموذج يشمل شبكة معقدة من العناصر المهمة ذات الطبيعة المتداخلة. بمعنى، أهمية كلٍّ من العوامل البيولوجية والجينية (الناحية الوراثية)، والاجتماعية (تفاعل الشخص في مرحلة التطور المبكر مع أسرته وأصدقائه والأطفال حوله)، والنفسية (تشكل شخصية الفرد ومزاجه عبر بيئته مع المهارات المكتسبة لمواجهة الضغوط).
ولفت إلى أن الأبحاث تشير إلى وجود ارتفاع طفيف في خطر انتقال الاضطراب من المصاب إلى أطفاله، كما تتجه الإحصاءات إلى تأكيد الثقل النوعي للناحية الوراثية (الجينات)، في ظهور الاضطراب؛ حيث تدل المشاهدات على وجود علاقة بين ظهوره، وبين وجود أقرباء من ذوي درجة القرابة اللصيقة المصابون بالفصام (الشيزوفرانيا).
كما تلعب خبرات الطفولة المبكرة والمتضمنة للصدمات بنوعيها العاطفية والجسدية، دورًا في تطور الاضطراب؛ حيث سجل تأثير التجارب السلبية- خاصة إذا توطد وجودها في بيئة يسودها التهديد المنزلي، في ظهور الاضطراب. فمن العوامل المؤثرة في هذه الدائرة، تواجد ضغط الغضب الأبوي متطرف الحدة في الدرجة ومنعدم الأساس من الصحة و/أو النفوذ الأبوي المتعالي، مما يزرع لدى الطفل حالات متعمِّقة من انعدام الأمان.
صعوبة تشخيص مرض جنون الارتياب
لفت الدكتور مدحت دمرداش، إلى أنه كثيرا ما يغيب التشخيص الدقيق للحالة؛ لأنه يتطلب توافر أنماط دائمة طويلة الأمد من السلوك، ولما كان تغير الشخصية في المراهقة أمر طبيعي للنضج، لذلك فإن التشخيص لا يتم قبل مرحلة البلوغ في العادة.ويتوجب وجود الأعراض لمدة سنة على الأقل، لو تطلب الأمر تشخيصًا مبكرًا.
اقرأ أيضا..
«خبير نفسي» يضع «روشتة» التعامل مع مصابي «جنون العظمة»
وأوصح استشاري الصحة النفسية، أن حدة الاضطراب تشتد في فترة الأربعينات والخمسينات من العمر؛ حيث يعاني الكثير من المصابين به الحدود القصوى من بعض الأعراض.
علاج جنون الارتياب
وقال الدكتور مدحت: ترتكز خطة العلاج في حالة اضطراب الشخصية الارتيابية، على العلاج النفسي طويل الأمد بواسطة المعالج النفسي المتمرس في هذا النوع من الاضطرابات، وأحيانًا، تندرج العقاقير ضمن الخطة لمواجهة بعض الأعراض الموهنة للعزيمة، مؤكدا أن نسبة نجاح الخطة العلاجية منخفضة بسبب صعوبة التحديات القائمة؛ فالثقة، أمر حيوي في العلاج النفسي، والمصاب بهذا الاضطراب يتصف أساسًا بفقدان الثقة مع الآخرين، فلا يثق في الطبيب ولا المعالج النفسي، ولذلك لا يتبع الكثير من المصابين الخطة المرسومة؛ ما يؤثر على العلاج.وأوصح استشاري الصحة النفسية، أن حدة الاضطراب تشتد في فترة الأربعينات والخمسينات من العمر؛ حيث يعاني الكثير من المصابين به الحدود القصوى من بعض الأعراض.
وتابع: أنه مع التسليم بحقيقة استحالة منع ظهور الاضطراب؛ فإنه من الأمور الحسنة أن العلاج يمنح أحيانًا فرصة للشخص من ذوي القابلية للإصابة به من أجل تعلم وسائل فعالة للتعامل مع الواقع، إلا أن الخبر السار، هو أن هذا المرض- كمعظم اضطرابات الشخصية - تنخفض حدتها مع التقدم في العمر.