الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

أدلة قرآنية تفيدك في الحياة.. نص خطبة الجمعة المقبلة مكتوبة

الخميس 18/مارس/2021 - 07:14 م
هير نيوز

تبحث العديد من السيدات عن خطبة الجمعة القادمة 19 مارس 2021 مكتوبة، لكي تتعرف الكثيرات منهن على العديد من الأحاديث التي لم تقرأها من قبل.

وتنشر «هير نيوز» نص خطبة الجمعة القادمة للشيخ كمال المهدي، والتي تدور حول الحق في القرآن الكريم وآليات تطبيقه على أرض الواقع.

نص خطبة الجمعة المقبلة
ويأتي نص الخطبة على النحو التالي: «الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد أحبتي في الله، حديثنا اليوم سيدور عن الحق في القرآن الكريم وتطبيقاته في حياتنا، فما هو الحق وما هي معانيه في القرآن الكريم، الحق هو الواجب الثابت والمؤكد، والحق ضد الباطل كما في قوله تعالى (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون)[ البقرة: ٤٢].

اقرأ أيضًا.. نادية الجندي: أواظب على قراءة القرآن ولم أقدم مشاهد ساخنة.. فيديو

أدلة من القرآن في خطبة الجمعة المقبلة
"ولقد ذُكِرَ الحق في القرآن الكريم في العديد من الآيات بعدة معاني لا يتسع الوقت لذكرها ولكن تعالوا بنا لنذكرمعنيين من معاني الحق في القرآن الكريم وننظر في مجتمعاتنا هل نجد لها تطبيقا أم لا؟، وأبدأ وأقول من معاني الحق في القرآن الكريم (الدَيْن)وما أدراك ما الدين؟، ذكره رب العزة جل وعلا في قوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا)[البقرة:٢٨٢]

ووالله إنها مشكلة ومعضلة، تجر التبعات، وتعقب اللوعات،إنها مشكلة الدين، كذب وتملق، وهروب وتحملق، فاتق الله– أيها المديون– وأد ما في ذمتك من مال.

فمما يؤسف أننا نرى أناسا يأخذون من الناس أموالهم على سبيل الدين وبعد ذلك يماطلون في السداد ونسوا أن ميزان الله عز وجل يحصي مثاقيل الذر، ولا تظلم نفس شيئًا،فأنصت معي أيها المسلم الكريم إلى الصحابي الجليل سَلَمَة بن الأَكْوَعِ رضي الله عنه وهو يروي لنا مشهدًا جرى أمامه، فيقول:(كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذْ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَالَ:(هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: لاَ، قَالَ: فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لاَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قِيلَ: نَعَمْ، قَالَ: فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ: هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا لاَ، قَالَ: فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ، قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ:صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ).

أدلة السنة في خطبة الجمعة المقبلة
فأنا أروي هذا المشهد اليوم من أجل أن أقول لكم يا مسلمين: احذروا من الدَّين، فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما رفض الصلاة على من كان بذمته دين؛ لينبه الأمة على خطورة الدين لِما فيه من المفاسد على مستوى الفرد والمجتمع، والإسراع في سداده من قبل فوات الأوان، فالإنسان مهما عمل من الطاعات لن يدخل الجنة ما دام بذمته دين.

فيا من تتساهلون بالديون، وتأخذون أموال الناس، وأنتم لا تريدون السداد والوفاء، اسمعوا إلى نبيكم صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ).

هذا الدين حق في رقبتكم فإن كنتم قادرين على السداد فلا تتأخروا فقد قال رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ)، والمطل هو: التأخير، فمماطلة القادر على السداد، وانتحاله الأعذار الكاذبة للتهرب من الوفاء بدَينه، ظلم منه للدائن، وظلم منه للمجتمع؛ لأنه سيخيف القادرين، وسيحول بينهم وبين مساعدة المحتاجين، لفِقدان الثقة في السداد، فإذا كان الغريم غنيًّا وَمَطَلَهُ وَسَوَّفَ به، فهو ظالم له، والظلم محرَّم قليلُه وكثيره.

وإن كنتم معسرين وغير قادرين على السداد فالجأوا إلى رب الأرض والسمٰوات فعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: جاءَتْ فاطِمَةُ إِلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْألُهُ خَادِمًا فقالَ لهَا: قُولِي: ( اللّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ وَالقُرْآنِ، فالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، أَنْتَ الأوّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وأَنْتَ الباطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيءٌ، اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ، وَأغْنِني مِنَ الفَقْرِ) أخرجه أحمد وأبو داود وهو عند مسلم وقال الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيحٌ

وإنه لمن المؤسف أن من ينظر في مجتمعاتنا يجد أن بعضا من الناس نبت لحمه، وقوي عظمه، بمال غيره، أكله بالباطل، إن استدان دينًا جحده، وإن استقرض قرضًا تظاهر أنه نسيه، فسبحان الله ! كيف يهنأ بالطعام والشراب والمنام، من هذا حاله، نسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه)[ أخرجه مسلم ]
أحبتي في الله:أيها المدينون:- بادروا بسداد ديونكم إن كنتم موسرين وإياكم والمماطلة قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، فعن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (مَن كانت عندهُ مَظلمةٌ لأخيهِ مِن عِرضِه أو شيءٍ، فليَتحلَّلْهُ منهُ اليومَ، قبلَ أن لا يكونَ دينارٌ ولا دِرهمٌ، إن كانَ لهُ عملٌ صالِحٌ أُخِذَ منهُ بقدْرِ مَظلمتِه، وإن لم تكنْ لهُ حَسناتٌ، أُخِذَ من سيِّئات صاحبِه فحُمِلَ عليه)[ أخرجه البخاري ]، يا له من وعيد شديد، وتهديد أكيد، لمن أكل أموال الناس واحتال، واستدان بقصد عدم القضاء،واستمعوا إلى قول الله تعالى:(يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَـٰطِلِ.. إلى قوله:(وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا)[النساء:٢٩-٣٠ ] وإنني أتوجه للدائنين أقول لهم كما أن سداد الدين حق على المدين فحق عليكم أنتم كذلك إذا كان المدين لكم معسرا أن ترأفوا بحاله قال تعالى(وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ)[البقرة:٢٨٠]. فإنظار المدين إلى حلول الأجل وإلى ما بعد حلول الأجل فيه أجر عظيم. وقدكان بعض السلف يسلفون أموالهم للناس انتظار الثواب العظيم من الله، كانوا يسلفون الناس لهذا الأجر، كانت أحاديث الترغيب تفعل فعلها في نفوسهم، بل إن إسلاف الناس كان له أثر في إنقاذ نفوس من جهنم، يقول ﷺ في الحديث الصحيح:(حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان رجلًا موسرًا -غنيًا- وكان يخالط الناس، وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر، فقال الله – لملائكته -بعد أن مات هذا الرجل-: نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه الله أكرم الأكرمين، أحق من هذا الرجل بالتجاوز، فتجاوز الله عنه سيئاته). وأريد أن أوجه رسائل لأصحاب الديون من الأغنياء، أو من غيرهم الذين يطاردون المدينين فيرهقونهم، وقد يؤدون بهم إلى السجن، وخلفهم عيال فقراء، مع أن سجن المدين من حق الدائن، أقول لهم:(فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)[الشورى:٤٠]، ومن أنظر فأجره على الله، ولك الأجر الدائم خير لك من هذا المال الفاني في هذه الدنيا. وفي رواية عن محمد بن كعب القرظي: أن أبا قتادة كان له دين على رجل وكان يأتيه يتقاضاه فيختبئ منه، فجاء ذات يوم فخرج صبي فسأله عنه فقال: نعم هو في البيت فناداه: يا فلان اخرج فقد أخبرت أنك هاهنا، فقال أبو قتادة للمدين للغارم: ما يغيبك عني؟ فقال: إني معسر وليس عندي، فقال: آلله إنك معسر، قال: نعم، فبكى أبو قتادة تأثرًا بحال أخيه المسلم الذي ألجأه عدم وجود المال للقضاء ألجأه للإختباء من صاحب الدين والفرار منه، ثم قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة) ***ومن معاني الحق في القرآن الكريم ((العدل)).. قال تعالى:(إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا)[النساء:١٠٥].

وقال تعالى (إِذْ دَخَلُوا عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَىٰ سَوَاءِ الصِّرَاطِ)[ص:٢٢]. فتحقيق العدل مطلب إلهي، وأمر رباني، يجب علينا تحقيقه، والحذر من التهاون فيه، يقول الله تعالى:(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ)[سورة النحل:٩٠]، كما أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بالعدل بين الناس على مختلف العقائد والألوان والأجناس وأمره أن يقوم بذلك ولا يقصِّر فيه، بل يعلن ذلك أيضًا ولا يخفيه؛ فأمره أن يقول للمشركين:(وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمْ)[سورة الشورى:١٥].

فبالعدل قامت السموات والأرض… وللظلم يهتز عرش الرحمن..الحكم بالعدل إذا قام في البلاد عمَّر، وإذا ارتفع عن الديار دمَّر. وإن الدول وان كانت كافرة.. لتدوم مادامت عادلة،ولا تقوم دولة الاسلام إن كانت ظالمة … وكما قيل.. دولة الظلم ساعة.. ودولة العدل الى قيام الساعة.. وقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك أصحابه من بعده أروع الأمثلة في العدل بين الرعية. فقد جاء في أسباب النزول أن( طعمة ) وكان رجلا من الانصار.. سرق درعًا فلما طلبت الدرع منه رمى واحدًا من اليهود بتلك السرقة، ولما اشتدت الخصومة بين قومه وبين اليهودي جاء قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه أن يعينهم …وأن يلحق هذه الخيانة باليهودي وان ينصر المسلمين على اليهود فأنزل الله تعالى قرآنا على رسوله بحقيقة الامر..وأن الذى سرق هو طعمة الأنصاري.. وأن الحق والعدل مع اليهودي… فقال وقوله الحق: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا )[ النساء:١٠٥] وَهذا موقف آخر يدل على مدى عدل النبي صلى الله عليه وسلم، ففي غَزْوَةٍ بَدْرٍ، أَخَذَ النبي صلى الله عليه وسلم قِدْحًا كَعُودٍ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ كَرُمْحٍ يُقِيمُ بِهِ الصُّفُوفَ، وَأَخَذَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا بِطَعْنَةٍ فِي بِطَنْهِ يُسْمَّى سَوَادَ بْنِ غُزِيَّةَ، فَقَالَ: ((اسْتَوِ يَا سَوَادُ)). فَقَالَ سواد: أَوَّه، لَقَدْ أَوْجَعْتَنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَقِدْنِي؛ أَيْ مَكِّنِي أَنْ أَقْتَصَّ مِنْكَ يَا رَسُولَ اللهِ. يُرِيدُ الرَّجُلُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ، فَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ الْعَادِلُ ﷺ؟ أَعْطَى الْقِدْحَ الَّذِي فِي يَدِهِ لِسَوَادٍ، وَقَالَ: ((اسْتَقِدْ مِنِّي يَا سَوَادُ))، اقْتَصّ مِنِّي يَا سَوَادُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّمَا ضَرَبْتَنِي وَبَطْنِي عَارٍ، فَمَكِّنِي مِنْ ضَرْبِكَ وَبَطْنُكَ عَارِيَةً يَا رَسُولَ اللهِ! فَكَشَفَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ بَطْنِهِ، وَأَهْوَى الرَّجُلُ عَلَى بَطْنِ النَّبِيِّ ﷺ يُقَبِّلُهُ، وَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ! شَلَّتْ يَمِينِي إِنْ مُدَّتْ عَلَيْكَ، إِنَّمَا حَضَرَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا حَضَرَ، وَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا هُوَ آخِرُ الْعَهْدِ بِلِقَائِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِي بِلِقَائِكَ أَنْ يَمَسَّ جِلْدِي جِلْدَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِخَيْرٍ. فَأَمَّا عَدْلُهُ فَقَدْ أَوْفَى عَلَى النِّهَايَةِ، وَقَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ ﷺ، وَهَلْ رَأَيْتَ عَدْلًا يَعْدِلُ الْعَادِلُ حَتَّى مَعَ الْحَيَوَان الْأَعْجَمِ؟!! صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وهذا أيضا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه… افتقد درعا كانت عزيزة عنده.. فوجدها عند يهودي فقاضاه إلى قاضيه شريح.. وعلي يومئذ هو أمير المؤمنين.. فسأل القاضي شريح أمير المؤمنين عن قضيته فقال: الدرع درعي، ولم أبع ولم أهب …فسأل شريح اليهودي: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟ فرد الدرع درعي! وما أمير المؤمنين عندي بكاذب) فيلتفت شريح إلى أمير المؤمنين، هل من بينة؟ هكذا العدل! البينة على من ادعى.. فقال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: صدق شريح! مالي بينة! فحكم القاضي شريح بالدرع لليهودي لعدم وجود البينة عند المدعي أمير المؤمنين!! وأخذ الرجل اليهودي الدرع ومضى وهو لا يكاد يصدق نفسه! ثم عاد بعد خطوات ليقول: يا لله!! أمير المؤمنين يقاضيني إلى قاضيه… فيقضي عليه؟ إن هذه أخلاق أنبياء!… أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله! …الدرع درعك يا أمير المؤمنين،. خرجت من بعيرك الأورق فاتبعتها فأخذتها.. فيقول علي رضي الله عنه: أما إذ أسلمت فهي لك )!

فالعدل في الإسلام يقف حاجزا منيعًا، ودرعًا واقيًا دون المجاملة أو المداهنة أو التحامل؛ فلا مجاملة في الإسلام لحبيب أو قريب، ولا مداهنة في الإسلام لصديق أو حميم، ولا تحامل على عدو أو غريب؛ يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ)[النساء:١٣٤]، فَلَا يُحْكَمُ لِأَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ لِانْتِسَابِهِ أَوْ مَيْلِهِ لِأَحَدِهِمَا، بَلْ يَجْعَلُ وِجْهَتَهُ الْعَدْلَ بَيْنَهُمَا.

قال تعالى (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى)[الأنعام: ١٥٢].فَإِذَا قُلْتُمْ قَوْلًا فَاصْدُقُوا فِيهِ، وَقُولُوا الْحَقَّ وَلَوْ كَانَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمَشْهُودُ لَهُ -الَّذِي تُرِيدُونَ مُحَابَاتَهُ بِقَوْلٍ مَائِلٍ عَنِ الْحَقِّ- وَلَوْ كَانَ ذَا قَرَابَةٍ.

أحبتي في الله:- هذان معنيان للحق في القرآن الكريم (الدَيْن والعدل) فهلا طبقناهما في حياتنا.. فلننتبه لهذا القرآن الحق المنزل من عند الحق على حبيبنا الحق ولنقم بتطبيق هذا القرآن في حياتنا لنكون من الفائزين فإن من حكم به عدل ومن تمسك به فقد هُدِي إلى صراط مستقيم، أسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه.

ads