الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

نسب مواليد العلاقات غير الشرعية إلى الأم «عنصرية ضد المرأة».. وهذه أغرب الفتاوى

الجمعة 05/مارس/2021 - 02:16 م
هير نيوز

أصدر القضاء المصري قبل أيام، حكمًا بتبرئة شاب، من اغتصاب فتاة والإنجاب منها، وهو ما تسبب في صدمة اجتماعية كبيرة، وخاصةً على المستوى الأسري، وأثار جدلًا واسعًا، وذلك بسبب عدم الفهم القانوني للكثيرين، فضلًا عن عدم التفاتهم إلى الحيثيات القانونية للأحكام التي لا تروق لهم حال صدورها، مع التأكيد هنا، أننا لسنا بصدد التعليق على حكم قضائي، وإنما بصدد مناقشة قضية محورية من قضايا المرأة في المجتمع المصري.

وقررت المحكمة نسب الطفلة إلى الأم، بدعوى اقتناعها بأن العلاقة الجنسية بين الاثنين تمت بالتراضي، وبالتالي لا يجوز شرعًا انتساب الصغيرة إلى أبيها، باعتبارها نتجت عن علاقة خارج إطار الزواج، وهو الحكم الشرعي المطبق في الكثير من الدول العربية.

وتتجلى أمامنا معاناة قاسية تتحملها المرأة وحدها، وكأنها المسئولة الأولى والأخيرة في مثل هذا الخرق الشرعي والقانوني، وهذه المعاناة تضم تحت طياتها المرأة في مصر وأيضًا العديد من الدول العربية، خاصة وأن الإجماع الفقهي يغيّب تمامًا علاقة المولود خارج إطار الزواج بوالده، بالاستناد إلى أن النسب الأبوي يكون بناء على عقد شرعي.

فتاوى متشددة وتنمر مجتمعي

وتعاني الفتيات اللاتي يعشن علاقة غير شرعية خارج إطار الزواج تنتهي بالإنجاب، من معضلة نسب الأبناء إلى آبائهم، استنادًا إلى موقف ديني ثابت من هذه الظاهرة. كما يعاني الأبناء من علاقات غير شرعية من حجم التنمر والاستهداف باستمرار، وإصدار أحكام وفتاوى متشددة غير رسمية تحرّم الزواج منهم؛ إذ تستند جهات الفتوى إلى حديث نبوي نصه "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ".

وعن دار الإفتاء المصرية في هذا الشأن، فتقول "إن الفقهاء اتفقوا على أن ولد الزنا يثبت نسبه من أمه إلى والدته؛ لأن الأمومة علاقة طبيعية، بخلاف الأبوة فهي علاقة شرعية، فلا تثبت أبوة الزاني لمن تخلق من ماء زناه".

وفي العراق صدرت فتاوى متشددة غير رسمية لا تجيز الزواج منهم، وبعض المتطرفين في اليمن أشاعوا أنهم لا يدخلون الجنة، أما في الجزائر، فقانون الأسرة لم يتطرق من الأساس إلى طريقة إثبات نسب اللقطاء، وتبدو الأزمة أكثر ظلمًا في الدول التي تستند إلى رأي جهات الفتوى في كل المسائل الأسرية.

أغرب فتاوى إنكار النسب

وكان من أغرب فتاوى إنكار نسب أبناء العلاقات المحرمة إلى آبائهم، أن آراء المؤسسات الدينية ترفض حتى نسب الطفل إلى الأب ولو تزوج من الأم، فالرجل إذا أعاد التفكير في الزواج من المرأة التي عاشرها بشكل غير شرعي، وكانت قد أنجبت منه قبل الارتباط الرسمي لا يجوز نسب الابن إليه، طالما أن ولادته سبقت عقد الزواج الرسمي، وينسب إليه فقط أطفال ما بعد الزواج فقط.

تبرئة الأب.. والظلم المجتمعي

ويُعد الانتصار للرجال في هذا الشأن ومعاقبة الأم بنسب ابنها إليها وتبرئة الأب، يعكس الظلم المجتمعي والأسري والديني الواقع على المرأة في المجتمعات العربية، كما ترى الأصوات النسائية؛ لأنه ليس من العدل أن تحمل وتلد وتربي وتتحمل مشقة الرعاية والتعليم والتنشئة السوية للابن، في حين أن الذي أقام معها العلاقة استمتع بجسدها، ولم يكلف نفسه عناء أي شيء آخر.

العنصرية تجاه النساء

ويرى الرافضون لأحكام نسب أبناء العلاقة غير الشرعية إلى الأمهات فقط، أن هناك شبهة عنصرية تجاه النساء؛ لأنه حتى لو تمت العلاقة بالتراضي بين الشاب والفتاة، فلا يمكن تحميل المرأة وحدها هذا الوزر، باعتبار أن الطرفين توافقا على ذلك، ولا يصح تبرئة الرجل من كل شيء لمجرد موافقة الأنثى.

أين التشريعات من مسئولية الآباء؟!

وتوالت الاقتراحات للحد من عواقب هذه الأزمة والمعاناة التي تسببها للمرأة وأهلها، كان من بينها تعليق هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع والباحثة في القضايا الأسرية بمصر، في تصريح لها؛ إذ رأت أن تغيير التشريعات الحالية، هي الحل الأمثل لضمان دمج أطفال تلك العلاقات غير الشرعية في المجتمع، قبل أن يكبروا وقد يتحولون إلى ذئاب تنتقم من الجميع، وشددت على ضرورة النظر إلى تلك الأزمة بأبعاد إنسانية واجتماعية.

رسالة إلى مؤسسات الفتوى

ويرى بعض الحقوقيين أنه حتى لو كان رأي الدين واضحًا في مسألة نسب أطفال العلاقات المحرمة إلى أمهاتهم، فزيادة أعداد هؤلاء الأبناء يفرض على مؤسسات الفتوى إعادة التفكير والبحث عن حلول عملية وإنسانية.

ads