الخميس 13 فبراير 2025 الموافق 14 شعبان 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند ابو ضيف
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده
رئيس التحرير
هند ابو ضيف

بقلم مريم النويمي: كيف همشت الأجهزة الذكية الجدة وحكاياتها؟

الخميس 13/فبراير/2025 - 12:29 م
هير نيوز

ونحن نقترب من موعد الاحتفال بيوم التأسيس، نرى كل الأشياء القديمة تعود، وتمتلئ بها الأسواق، الجميل في هذا اليوم هو إحياء الماضي، وتمثيله في أبهى صورة، لنعيش اللحظة التي لم ندركها من قبل، توارثها الأبناء عن الآباء، تخيلها البعض أشياء خارجة عن المألوف، لباس، وطريقة حياة، حتى القصة، اختلفت، لم نعد نسمع حكايات الغول والجنية، الشاطر حسن، أو مغامرات علي بابا. زمان لما كانت الناس بسيطة، ووسائل الترفيه قليلة، كانت الحكاية متنفسًا للخيال، متعة للذهن.

الحكايات شكل أدبي ينقل تواترًا من جيل لآخر، سردها مهنة، كان الحكواتي «سيرة أبي زيد الهلالي وعنترة وألف ليلة وليلة» من أجمل ما سردوه. القصص ليست للكبار فقط بل شاركهم فيها الصغار، لكن حكايات الجدة كانت أكثر حميمية وأشد غرابة وتشويقًا. الجدة كانت جزءًا من بيت الأسرة، وغالبًا ما تكون الهرم الأكبر، تستمتع بأحفادها، وفي الليل تسرد عليهم ما تحفظ من قصص، ما أن تقول «كان يا مكان» حتى يتجمع الصغار، عرفوا منها قصص «الدجيرة»، جنية تهدد الرجال، ليخاف الصبية من الخروج للشوارع. سمعوا حكايات «علاء الدين وجني المصباح» وآمنوا بأن كل الأمنيات متاحة، وتعلموا أنّ «أبو نية يغلب أبونيتين». كم هي مفيدة حكايات الجدة، دمجت ماضيها بحاضرهم، فولدت في أذهانهم أفكار مختلفة، قيمٌ تبقى، ممكن أن ترتجل القصة، حسب الحالة والخطة، نهاية كل الحكايات سعيدة، تترك الطفل متحفزًا، مندهشًا ومقتنعًا، فللطفل مخيلة خصبة.

لعبت الحكاية منذ قديم الزمان، دور المدرسة التي كان يتلقى فيها الأولون المعرفة الضرورية لتنمية المهارة اللغوية والتعبيرية، ولكل رواية وقصة مستقاة من التراث التقليدي عبرة ورسالة أخلاقية لها دور في تقييم السلوك وبناء المعرفة.

تلعب الجدات دورًا رئيسًا في نقل التراث، إذ يؤدين دور الراوي الذي يجمع أفراد الأسرة حوله، ليقدم الترفيه والتعليم. جلسات أقرب ما تكون إلى مدرسة غير رسمية، يتعلم فيها الأطفال اللغة والأدب وتاريخ القبيلة والمجتمع، والأساطير القديمة التي تتسع بها مخيلة الطفل.

ولدراسة تأثير الجدة في أحفادها، وجدت دراسة لمعهد الطفولة الأمريكي، أن وجود الطفل مع جدته من عمر العامين يقوي وينمي قدراته ومهاراته، ويزيد من حدة ذكائه، ووجدوا أن لديه قدرة على الإنصات أكثر من غيره، وكان الأطفال الذين يستمعون إلى الحكايات بشكل مستمر، أكثر قدرة على التعبير عن أنفسهم وحل الأسئلة الذهنية وكذلك مهارتهم اللغوية والاجتماعية كانت أفضل من غيرهم.

التطور منهج البشرية، إلا أنه طمس شيئًا من قدرات الإنسان، أصبح الطفل أكثر واقعية، محدود المخيلة، رغم أفلام الكرتون، التي لا تشبه حياته، والأجهزة الذكية والمعرفة المفتوحة التي لا تعترف بحدود العمر، لكل عمر معرفة، فمن المهم ألا تتجاوز المعرفة عمر الطفل ومستوى نضجه.

مذ حلت أفلام الكرتون والأجهزة الذكية مكان حكايات الجدة، أصبح الطفل في عزلة عن محيطه، ضعيفًا في المهارات اللغوية، ولديه تشويش معرفي. لم تعد الجدة هي الجدة ولا الحكاية كالحكاية، ولم يعد الطفل يصدق أساطير صدقها طفل الأمس! هل قُيدت مخيلته!

طيب ماذا عن الجني والمصباح وياسمينة وسندباد!! عادي، مش مهم!! الأهم هو عودة دور الجدة، وإعادة الحكاية إلى حياة الطفل.

نقلا عن الوطن السعودية

ads