بقلم فاطمة المزيني: مأزق السوشيال ميديا مع المشاهير
الإثنين 30/ديسمبر/2024 - 03:00 م
يُستخدم مصطلح «مشاهير السوشيال ميديا» للإشارة إلى فئة من المستخدمين المؤثرين في فضاء العالم الرقمي. هو مصطلح مُربك لم يتم تعريفه، وأعتقد أن غياب التعريف لهذا المسمى أنتج أشكالًا من التفاعلات المتطرفة معهم، والتي تتراوح بين الهجوم العشوائي عليهم أحيانًا، والمبالغة في إعلاء شأنهم أحيانًا أخرى، حتى أصبح بعضهم يُفتي في المسائل الاجتماعية والصحية، وحتى الدينية.
علينا أولًا أن نعي أن حضور الناس في مواقع التواصل بات أمرًا واقعًا لا يمكن الحد منه أو تجاهل تأثيره، فضلًا عن تأثير هذا الحضور في تشكيل الحياة المعاصرة، بداية من التأثير الاقتصادي وليس انتهاءً بالتأثير الثقافي والفكري والأخلاقي.
كما أنه من الملاحظ تنوع المشاهير فيما يقدمونه من محتوى، وتتنوع تبعًا لذلك الشرائح المستهدفة لديهم.
«التسويق للتفاهة» هي التهمة الأشهر التي يُرمى بها المشاهير على طريقة «تحديد الكل» دون اعتبار لمسألة تنوع المحتوى والتأثير، ما يؤدي إلى إظهار الناقد بصورة الحاقد، ويفرغ النقد من معناه.
على مواقع التواصل، رأينا مؤثرين متخصصين يقدمون محتوى يدعم الثقافة والجمال والفنون والوعي الإنساني بأشكال متعددة، وأجد أنه من الإجحاف تأطيرهم وشمولهم في موجات القصف على المشاهير.
كما أن عددًا من هؤلاء المشاهير تحولوا إلى علامات تجارية قائمة بحد ذاتها، تُترجم شهرتهم إلى أرقام مالية كبيرة من خلال الإعلانات المدفوعة، إضافة إلى تأثيرهم البارز في تحفيز الطلب على المنتجات وتحريك الأسواق، وكذلك دعمهم للشركات الناشئة، ومشاركتهم في خلق فرص عمل ونشوء صناعات وخدمات لم تكن معروفة، مثل إدارة المؤثرين، وإنتاج المحتوى الرقمي، والتحليل التسويقي. هذا التحول يدعم الاقتصاد بطرق غير تقليدية.
من جهة أخرى، لا ننكر أن الحوادث الكثيرة التي أوقعت عددًا من المشاهير في مأزق الظهور غير المدروس والتصريحات غير المسؤولة، تُبرر النظرة السلبية لهم أحيانًا. ولا شك أن هذه المواقف، تحت عين المجتمع والقانون، تستدعي التصرف لمعالجة كل موقف بما يستحق.
ختامًا أقول لهؤلاء المشاهير، وعلى سبيل النصيحة:
الضوء مساحة شديدة الحساسية قد يكون من أشهر تأثيراتها تشويش البصيرة، خاصة مع صغر السن وضحالة التجربة الحياتية.
احرص على ألا تتقاطع - دون علم راسخ - مع النظام الاجتماعي، والقانون، والسياسة، والدين، والصحة، وسائر الموضوعات الدقيقة ذات التأثير المباشر.
احذر من الحديث عما تملك من أموال وممتلكات، فهذا موقف غير أخلاقي، فضلًا عن أنه واحد من أشهر الأحاديث الباعثة على السخرية من صاحبه، الذي يظهر بصورة الإنسان البدائي والسطحي.
واحذروا هنا من فخ الإعلاميين الكسالى محدودي الإبداع، أولئك الذين يدفعون بكم نحو النقاط الحارقة!
وأخيرًا، الشهرة رحلة يتغير فيها كل شيء. لذا، يجدر التوقف كثيرًا في محطات المراجعة والتأمل، لرفع الوعي الذاتي، والتحقق من الوجهة، والاطمئنان على سلامة الروح واتزان العلاقات.