الخميس 26 ديسمبر 2024 الموافق 25 جمادى الثانية 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

بقلم أصيل الجعيد: قانون التجزئة الجيواقتصادية

الثلاثاء 10/ديسمبر/2024 - 05:28 م
هير نيوز

تشير التجزئة الجيواقتصادية إلى عملية تقسيم المناطق الجغرافية بناء على أولويات اقتصادية وإستراتيجية، حيث تسعى الدول من خلالها إلى استثمار التفاوتات الاقتصادية بين المناطق لتعزيز مكانتها في النظام العالمي. هذا المصطلح لا يقتصر على التقسيم الجغرافي التقليدي، بل يمتد ليشمل ديناميكيات التجارة والاستثمار والتكنولوجيا، مما يجعله أداة مرنة لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية عابرة للحدود.

في عالم يزداد تعقيدا وترابطا، أصبحت التجزئة الجيواقتصادية أداة إستراتيجية تستخدمها الدول لتحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية. التاريخ يشهد على استخدام التجزئة الجيواقتصادية كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية. في أوروبا، أدى إنشاء الاتحاد الأوروبي إلى دمج الاقتصادات وتوحيد السياسات الاقتصادية، مما خلق كيانا اقتصاديا موحدا. هذا الدمج استند إلى قوانين وتشريعات تستهدف تخفيف التباينات بين الدول الأعضاء، وتحقيق نمو مستدام. وعلى الجانب الآخر، استخدمت الولايات المتحدة التجزئة الجيواقتصادية في اتفاقياتها التجارية مثل نافتا، والتي استهدفت تعزيز الروابط الاقتصادية مع كندا والمكسيك لتحقيق تكامل اقتصادي يخدم مصالحها الجيوإستراتيجية.

الصين تقدم مثالا آخر على التجزئة الجيواقتصادية، حيث استخدمت مبادرة الحزام والطريق لخلق شبكة اقتصادية واسعة النطاق تربط آسيا بأفريقيا وأوروبا. هذا المشروع يستند إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية والقروض، ويهدف إلى تعزيز نفوذ الصين الاقتصادي والسياسي.

من ناحية أخرى، تتبنى دول مثل الإمارات نموذجا فريدا يعتمد على التجزئة الجيواقتصادية من خلال إنشاء مناطق حرة اقتصادية. هذه المناطق توفر بيئة تنظيمية متميزة تجذب الاستثمارات الأجنبية، مما يعزز من دورها كمركز اقتصادي عالمي.

التجزئة الجيواقتصادية ليست خالية من التحديات. يتطلب تنفيذها إطارا قانونيا وتنظيميا مرنا يتماشى مع التحولات العالمية. التجربة الهندية مع قانون الإصلاح الزراعي، الذي يهدف إلى تقليل السيطرة الحكومية وتعزيز الاستثمارات في القطاع الزراعي، يبرز كيف يمكن للقوانين أن تسهم في تحقيق أهداف التجزئة الجيواقتصادية، رغم الاحتجاجات التي واجهتها هذه الإصلاحات.

من المهم أن ندرك أن التجزئة الجيواقتصادية ليست مجرد أداة لتحقيق المصالح الاقتصادية، بل هي استراتيجية شاملة تعكس توازن القوى العالمي. إن صياغة قوانين تستند إلى تجارب دولية ناجحة تتطلب دراسة معمقة للتحديات المحلية وتكييف السياسات مع الاحتياجات الوطنية، مما يضمن تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة الدول في النظام العالمي.

نقلا عن الوطن السعودية

ads