مي زيادة | أديبة وكاتبة فلسطينية سورية أتقنت 9 لغات
الأحد 06/أكتوبر/2024 - 05:59 م
وائل كمال
مي زيادة (1886-1941) أديبة وكاتبة عربية وُلدت في الناصرة عام 1886، اسمها الأصلي كان ماري إلياس زيادة، واختارت لنفسها اسم مي فيما بعد.
أتقنت مي تسع لغات هي: العربية، والفرنسية والإنجليزية والألمانية والإيطالية والإسبانية واللاتينية واليونانية والسريانية.
من هي مي زيادة؟
كانت مدينة النّاصرة موطن والديّ مي، فأمُّها من أصل سوريّ إلّا أنّ موطنها فهو فلسطين، ووالدها إلياس زيادة أصلهُ من لُبنان، كان معلمًا في مدرسة الأرض المقدسة، كانت مهتمةً بدراسة الّلغة العربيّة، وتعلّم الّلغات الأجنبيّة، فتميّزت ميّ منذ صباها ونشرت مقالات أدبية ونقدية واجتماعية، أما عن حياتها العاطفيّة، فقد أحبّت جبران خليل جبران على الرغم من عدم لقاءهما؛ حيث دامت المراسلات بينهما عشرين عاماً منذ عام 1911 وحتى وفاة جُبران في نيويورك عام 1931.
سافرت إلى عدة دولٍ وعانت من اضطرابات نفسية بعد أن أدخلها أقرباؤها إلى مستشفى الأمراض العقلية في لبنان لتلقيّ العلاج.
بدأت ميّ زيادة أول مراحلها التّعليميّة في مدارس النّاصرة الابتدائيّة ثمّ تابعت دراستها الثانويّة في دير الرّاهبات في مَنطقة عينطورة، ثم استكملت دراستها في كلية الآداب بالقاهرة.
أبدعت مي في مَجال الصّحافة، وكانت تنشر مقالاتها في الصحافة المصرية، وتُمضي في نِهايتها بأسماء مُستعارة، كان من أسمائها المستعارة: «شجية، خالد رأفت، إيزيس كوبيا، عائدة، كنار، السندبادة البحرية الأولى».
كانَ لِمي زيادة دَور في الدِّفاع عَن حُقوق المَرأة، وبِمُطالبة المُساواة كَما أنّها استَحقّت أن تَكون رائِدة مِن رائِدات النَّهضة النِّسائية العَربيَّة الحَديثة، حَيثُ كانَت مُتطلعَة عَلى تاريخ المرأة في الفَترة التي سَبَقت سَجنها فَأكثرت مِن الكِتابة والمُحاضرات والنّدوات؛ لِلمُطالبة بِحقوق المرأة.
تُوفيت مَيّ في مُستشفى المُعادي في 17 تشرين الأول 1941م في مَدينة القاهرة عن عمر يُناهز 55 عاماً.
وُلِدت ميّ زيادة في فلسطين في مدينة النّاصرة تحديداً، وذلك في الحادي عشر من شهر شباط عام 1886م، والدُها هو إلياس زيادة، وهو ماروني، أصلهُ من لُبنان، وكان معلمًا في مدرسة الأرض المقدسة، أمّا أمُّها فهي نُزهة معمر، وهي فلسطينيّة الجنسيّة، والتي تُعدّ من أصحاب الأدب الذين يُعنَون بحفظ الأشعار، وقد حَظيت الأديبة ميّ زيادة باهتمام كبير من والديها كونها الابنة الوحيدة لهما بعد وفاة أخيها، وممّا قالته أمُّها فيها:
انتقل والدُها للعيش في مدينة النّاصرة الفلسطينيّة في النّصف الثّاني من القرن العشرين، وذلك بعد أن كان يسكن في قرية شحتول في لبنان، وكانت مدينة النّاصرة موطن اجتماع والديّ مي، فأمُّها من أصل سوريّ إلّا أنّ موطنها فهو فلسطين، ومن الجدير بالذِّكر أنّ لخلفيّة أمِّها الثّقافيّة والأدبيّة سبباً في إعجاب إلياس زيادة بها.
تلقت ميّ مبادئ القراءة والكتابة في قرية الناصرة، وقد انتقل والد ميّ «إلياس» هو وأسرته الصغيرة إلى لبنان وعمل بالتدريس في قرية عينطورة، وهكذا فارقت ميّ بلدة الناصرة مرتع طفولتها وصباها، فكتبت مذكراتها لمدينة الناصرة:
بعد دراسة ميّ بدير المدينة التحقت بمدرسة راهبات عينطورة لتدرس في القسم الداخلي بين عامي ّ (1900-1903)م. إلى جانب دراستها كانت مهتمةً بدراسة الّلغة العربيّة، وتعلّم الّلغات الأجنبيّة، فتميّزت ميّ ونشرت مقالات أدبية ونقدية واجتماعية. بالإضافة إلى جوانب أخرى تتعلّق بالفنّ، والغناء والموسيقى، فتعلّمت العزف على آلة البيانو، وممّا قالت فيها:
أما عن حياتها العاطفيّة، فقد أحبّت جبران خليل جبران عَلى الرُّغم مِن عَدم لِقاءهما؛ حَيثُ دامَت المُراسلات بَينهما عِشرين عاماً منذ عام 1911 وحتى وفاة جُبران في نيويورك عام 1931، لَم تتزوج ميّ بأحدٍ من بَعد حُبها لجبران، فَعاشت فترة عَصيبة وعانَت من الوحدة بعد وفاة أحبائها ومن كانوا سَندها في الحياة، فَتفرغّت لِلكتابة والقِراءة والتّأليف، وفي عام 1932 سافرت إلى عدة دولٍ، عانَت مِن حالة نَفسيّة صَعبة، بَعدَ أن أدخَلَها أقرباؤُها إلى مُستشفى الأمراض العقلية في العَصفوريّة بلُبنان لتلقيّ العلاج.
بدأت ميّ زيادة أول مراحلها التّعليميّة في مدارس النّاصرة الابتدائيّة، وعلى وجه التحديد في دير المدينة الذي ذَكرته في كِتاباتِها، ثمّ عادَت لِموطن أبيها في لبنان، وفي كسروان تَحديداً وهي في سِنّ الرّابعة عشر، ثمّ تابعت دراستها الثانويّة في دير الرّاهبات في مَنطقة عينطورة، وتعرّفت هناك عَلى الأدب الفرنسي والرومنسي الذي أخذ يروقها بشكلٍ خاص. كما التحقت بعدة مدارس أخرى في لبنان عام 1904 لتنتقل العائلة بعدها عائدةً إلى الناصرة، ويشاع أنها نشرت أولى مقالاتها في سن السادسة عشر. إلّا أنّ ذلك لم يُنسها المدينة التي وُلدت فيها.
أجادت مي العزف على البيانو، وقرأت أشعار الصوفيين العرب، وأعجبت إعجاباً كبيرًا بابن الفارض، وعلى أيدي الراهبات أجادت اللغة الفرنسية، وحفظت الكثير من أشعار الفرنسيين أمثال دي موسيه، ولامرتين. وفي عام 1904 تخرّجت مي من مدرسة الراهبات عينطورة ورجعت إلى الناصرة عند أهلها.
وفي عام 1908 انتقلت مع أسرتها للإقامة في القاهرة. دخلت الجامعة المصرية عام 1916م، ودرست الفلسفة والآداب وأتقنت اللغة الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والألمانية ولكن معرفتها بالفرنسية كانت عميقة جداً وكانت بدايات نشرها بتلك اللغة في القاهرة، عملت بتدريس اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وتابعت دراستها للألمانية والإسبانية والإيطالية.
وفي الوقت ذاته، كما عكفت على إتقان اللغة العربية، فكتبت بهذه اللغات في الصحف حول قضايا الثقافة، وقضية نهضة النِّساء العرب والشرقيات عامة وحول اللغة العربية ونهضة الأمم الشرقية، كما أنّها دخلت مسيرة التّربية والتّعليم فعملت فيها.
تفوقت ميّ زيادة في الدراسة والتحصيل العلمي. وأكسبها اطّلاعُها الواسِع عَلى التّراث العَربي، والأدب الأوروبي فصاحةً وتعبيرًا واضحًا. ومنحها الترحال بين كسروان ويافا وحيفا وبيروت والناصرة والقاهرة ثقةً عاليةً بِنفسها، ومَعرفة عَميقة بِمعاناةِ السكان وحاجاتِهم وأحوالِهم. فَتَح لَها التعليم والصحافة أبوابَ الصداقة والتَّعارف مَع صحفيين ومفكرين وأدباء كَثيرون في لبنان ومصر وبلاد المهجر.
أفادت من ثقافة والديها المُتعلمين، ومِن مُلاحظات أساتِذتها وعِلمهم، كما تأثرت بأسلوب عَدد مِن رائِدات النّهضة وروّادها ومن بين هؤلاء: أحمد لطفي السيد الذي سُمي «أستاذ الجيل» وكان أستاذًا للدكتور طه حسين، وتردد أحمد لطفي السيد والدكتور طه حسين إلى صالون ميّ الأسبوعي. تأثرت مي بفارس الخوري وفخري البارودي وخليل مردم وخليل مطران وأحمد حسن الزيات وتوفيق الحكيم وروز اليوسف والدكتور أنيس المقدسي وشكيب أرسلان وأنستاس ماري الكرملي والدكتور يعقوب صرّوف صاحب مجلة (المقتطف) وجبران خليل جبران وعباس محمود العقاد وأسلوب الشيخ مصطفى عبد الرازق وأسلوب مصطفى صادق الرافعي ونثره المتقن.الانتِقال إلى مَصرانتَقلت مَي زيادة إلى مصر سَنة 1907، أقامَت في العاصِمة القاهرة، حيثُ عَملت بِتدريس الُّلغتين الفرنسية والإنجليزية، وقامَت بِدراسة الألمانية والإسبانية والإيطالية. وفي الوَقت ذاته، بَذلت الجُهد في إتقان اللُّغة العَربية والتَّعبير بِها وفيما بَعد، تابَعت في جامعة القاهرة دِراسة الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة.
بعد أن تخرّجت من كلية الآداب في القاهرة، وُلدت فكرة مي بإنشاء صالونها الأدبيّ الخاص، وعقدهِ كل ثلاثاء من كل أسبوع وقد امتازت بسعة الأفق ودقة الشعور وجمال اللغة. كما أنها نشرت مقالاتٍ وأبحاثاً في الصُحف والمجلات المصريّة، مثل المقطم، والأهرام، والزهور، والمحروسة، والهلال، والمقتطف.
أما الكتب، فقد كان باكورة إنتاجها في عام 1911 ديوان شعر كتبته باللغة الفرنسية وأول أعمالها بالفرنسية كان بعنوان «أزاهير حلم». وفيما بعد صدر لها «باحثة البادية» عام 1920، و«كلمات وإشارات» عام 1922، و«المساواة» عام 1923، و«ظلمات وأشعة» عام 1923، و«بين الجزر والمد» عام 1924، و«الصحائف» عام 1924.
تُعدّ ميّ ممّن أبدعوا في مَجال الصّحافة، فكانت تكتب المقالات ذي الأثر الاجتماعيّ في الصّحافة المصريّة، ومن الصُّحف التي كتبت فيها صحيفة «المحروسة» التي كان لها فيها باب خاص وثابت اسمه «يوميّات فتاة»، كانَت تستعرض في هذا الباب مَقالاتِها وتُمضي في نِهايتها بأسماء مُستعارة، كان من أسمائها المستعارة: «شجية، خالد رأفت، إيزيس كوبيا، عائدة، كنار، السندبادة البحرية الأولى».
وممّا أضافته ميّ إلى عَملها في سنة 1926 أنّها ابتَكرت بابًا جَديدًا في صَحيفة «السّياسة الأسبوعيّة» وتَسمِيتٌه «خَليّة النّحل»، وكانَ هذا الباب قائِماً عَلى أساس الأسئِلة وَالأجوِبة الصّادِرَة مِمّن يُريدُ من قُرّاء الصّحيفة أن يَسأل سُؤالاً أو يُجيبَ عَلى سُؤال مَطروح.زَادت ميّ زيادة مِن إقبال الفِئة الشّبابيّة عَلى القِراءة مِن الجَريدة بإنشائها باب خليّة النّحل التّفاعليّ، وَبِهذا تَكونُ قَد أضافَت عامِلاً مُهماً في الصّحافة، ومَع أنّ هذا الباب يُعدُّ عَملها «الفنيّ» الأول في الصّحافة إلّا أنّه كانَ الأخير؛ لِأنّها فضّلت أن تَكون كاتِبة غَير مُقيَّدة بأحَد وأنْ تَكونَ حُرّة لا تَختَلِط مَع مَن تَكتب لَهُم. حاوَلت صَحيفة «الأهرام» أن تَجتذب مَي لِتَكون عُضوًا في أسرة تَحريرها وأعَدّت لَها مَكتبًا خاصًا في غُرفة رَئيس التّحرير، ولكنّها رَفضت العَرض، وبَقِيت صِلتها قائِمةً عَلى الكِتابة الحُرّة.