بقلم فاطمة المزيني: امتداد التخصص
لا تزال جامعاتنا تشترط امتداد التخصص سواء عند الترشيح للوظائف الأكاديمية أو الالتحاق ببرامج الدراسات العليا. وتشترك الجامعات السعودية في اعتماد هذا الشرط مع جامعات عربية، بينما تعتمد معظم الجامعات العالمية فتح المجال أمام الدارسين والباحثين في ما يحقق تطلعاتهم العلمية في الحقول المختلفة دون التزام بامتداد التخصص.
يرتكز هذا الشرط على مبدأ مفاده أن إلزام الطالب بامتداد التخصص سيؤدي إلى تحقق التماسك المعرفي والمهني لديه مما يساعده على تطوير خبراته باستمرار. ولو سلمنا جدلا بهذا الاعتبار فهو يبقى فرصة منفعة غير مؤكدة أمام كثير من الإشكاليات المؤكدة التي تحتاج لإعادة النظر.
أحد أهم عيوب هذا الشرط أنه يقيد الخيارات الأكاديمية أمام الطلاب الذين يرغبون في تغيير تخصصاتهم بسبب اكتسابهم اهتمامات جديدة أو معارف مختلفة.
كما أن التطبيق الصارم لامتداد التخصص قد يحد من الفرص الوظيفية في حال وجود وظائف تتطلب مهارات ومعارف من تخصص آخر، مما يؤدي لتحديات في التنقل الوظيفي.
ومن جهة أخرى فإن امتداد التخصص يعد عائقاً أمام الابتكار والتعددية الفكرية فهو يلزم الأشخاص بالبقاء ضمن تخصصاتهم التي يختارونها في مراحل مبكرة من أعمارهم، ويمنعهم من اكتشاف مجالات جديدة قد تساعدهم في تقديم أفكار و حلول تتوافق مع مشكلات واقعهم.
الالتزام بفكرة امتداد التخصص تشكل ضغطاً كبيراً سواء على الطالب الذي يشعر أنه مضطر لاختيار تخصص في البكالوريوس يناسب سوق العمل حتى لو لم يتفق مع ميوله أو على الموظف الذي يتأخر في التقدم المهني في حال رغبته بتغيير تخصصه، إذ يضطر لإعادة دراسة البكالوريوس مع ما يرافق هذا من هدر في الوقت والمال والجهد.
ختاماً.. أعتقد أن شرط امتداد التخصص لم يعد متوافقاً مع الطابع العام للتعليم في بلادنا اليوم، الذي بات يركز على مهارات المتعلمين وخبراتهم، ويدعم فكرة ترابط المعرفة، كما أصبح يعتني كثيراً بالمواهب والميول الأصيلة لدى الطلاب، وهو ما يجعل التمكين من تغيير التخصص أكثر تماشياً مع تحقيق الأهداف التعليمية، والتحفيز للاستفادة الكاملة من برامج الدراسات العليا والابتعاث والبحث العلمي.
نقلا عن الوطن السعودية