الخميس 31 أكتوبر 2024 الموافق 28 ربيع الثاني 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

بقلم فاطمة المزيني: التنوع الثقافي ومحاربة العنصرية

الأحد 28/يوليه/2024 - 05:30 م
هير نيوز

يقول المؤرخ الفرنسي، آرنيست رينان، إنه قبل الثقافة الفرنسية والثقافة الألمانية والثقافة الإيطالية كانت الثقافة الإنسانية.

يحتفي العالم غدًا 29 يوليو من كل عام باليوم العالمي للتنوع الثقافي ومحاربة التمييز العنصري، فكيف يعد التنوع الثقافي سبيلا للحد من التمييز العنصري؟.

الثقافة بمفهومها العام ليست موضوعًا فرديًا، بل نسق قيمي اجتماعي مرتبط بالسلوك والعادات والأفكار والتقاليد الدينية والاجتماعية، والثقافة بهذا المعنى تشكل البنية الأساسية للهوية، وبناء على هذا يمكننا القول إن التنوع الثقافي هو تنوع في الهوية بالضرورة.

في عالم اليوم لا يخلو شعب أو مجتمع من التنوع الثقافي، فلم يعد الآخر هو ذلك البعيد جغرافيًا، بل المجتمعات تتشكل من عدة هويات تجمعها مشتركات المواطنة والقانون والكونية، إلا أن المجتمعات ما زالت تتفاوت في مسألة قبول التعدد، وتظهر الإشكالية العنصرية خاصة في المجتمعات الأقل تعليمًا وانفتاحًا، إذ يتنامى التمركز حول الهوية الذاتية، وتتضخم النزعة نحو أفضلية الذات والعرق والجنس والقبيلة، وقد تؤدي للتعصب والإقصاء والصراعات العرقية التي قد تصل للحروب الأهلية على نحو ما حدث في بعض المجتمعات.

بالرجوع إلى كتاب «صدام الحضارات» يقول صمويل هنتنجتون: «إن المصدر المتوقع للصراعات في العالم الجديد لن يكون ايديولوجيا أو اقتصاديا فالانقسامات بين البشر ستكون ثقافية».

ينشأ الصراع الثقافي عن سوء الفهم لثقافة الآخر والتبرير غير العقلاني لإعلاء الذات والاعتماد على الأحكام المسبقة والكبرياء والجحود، ثم يتم تكريس هذه التمثلات عبر الأجيال.. من هنا تأتي الحاجة لنقد النظرة الأحادية للهوية بشكل يحيل الاختلاف إلى عامل تميز و ثراء، ويدفع باتجاه التلاقي الثقافي بدلا من التعارض والخلاف.

ختامًا.. نحن نتقاسم هذا العالم، تجمعنا مشتركات إنسانية مهمة، والمعروف أن كل ثقافة تحاول الهيمنة على غيرها ستواجه بالمقاومة بلا شك، ويرتب هذا على البشرية كاملة مسؤولية حمل رسالة التسامح وقبول حق الآخر في الوجود بعاداته وتقاليده وانتمائه ودينه وعرقه.

«الآخر ليس سيئًا أو متوحشًا لسبب أصيل في عنصره»، كلما تأكدت هذه الفكرة في وعي العالم، كلما زادت مساحة أنسنته وتحضر سلوكه، وأصبح كوكبنا ملائمًا أكثر لجودة الحياة والإبداع والإنتاج.. هذا الوعي يحتاج لاعتماد خطط اجتماعية وتثقيفية بعيدة المدى وعابرة للأجيال، تهدف لتعزيز قيم الاحترام والمحبة والسلام.

نقلا عن الوطن السعودية

ads