الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

بقلم أريج الجهني: العالم الجليل د. خالد الزعاق

الأربعاء 10/يوليه/2024 - 09:11 م
هير نيوز

لم أجد توقيتا أكثر مناسبة لكتابة المقال أكثر من استهلاله العام الهجري 1446 بمقال خاص عن رمز وطني يحبه الصغار والكبار، بل أصبح جزءا من حياتنا الاجتماعية والمناسبات السعيدة، فالعيد وتوقعاته ودورات القمر ومنازله دائما ما تنطبق بفضل الله ثم بفضل الحنكة والدراية العميقة بعلم الفلك، هذا العلم الجميل والممتع الذي خفت بريقه لسنوات وأعاده الزعاق العالم المتميز والغزير في طرحه، كما أنه يطبق قاعدة خطيرة في النجاح، وأنا من أشد الأشخاص الذين يؤمنون بها ألا وهي "الاستمرارية"، أجد في مسيرته أن الوصف الأقرب له "بيروني العصر" فالدكتور خالد ليس مجرد عالم فلك بل أديبا ومفكرا وله فلسفته البديعة ونمط معالجة المعرفة الذي ينتقيه ليناسب الجميع دون أن يظهر بمظهر المتعالم أو المتحدث من برج عاجي، بل لا يدعي المعرفة ويترك هامشا للاحتمالات، أن التنوع المعرفي في الإنسان هو الأصل في تطور الحضارات عبر التاريخ والنموذج الذي أتحدث عنه اليوم خير من جسد هذا الفضل والفكر المتقدم.

"تقويم" أحد المنتجات المعرفية المتميزة للدكتور خالد عبر قناة العربية، امتاز بالمعالجة الأدبية للمواسم والتنقل في الأفكار والتوقعات، من خلال هذه المعالجات جاءت التوعية بالتصحر والاحتباس الحراري بشكل إيجابي ومستحب للناس، فلا أجمل من المعلومة حينما تسمعها بلهجتك ومن منظارك الفكري، الزعاق صانع محتوى غير عادي ومتجدد فما يطرحه عبر حساباته تجد فيها اختلافا وتجددا، ولكل منصة ما يناسبها من الطرح وهنا نقطة قوة مهمة لصناع المحتوى أن يجدوا هذا النمط من الضخ المعلوماتي.

"ولدت تحت نخلة" ببساطته يحكي قصته للمشاهدين مع الإعلامي القدير خالد مدخلي، وكيف تطورت مخاوف أسرته من الأمطار لأن تقوده لفهم الظواهر الكونية، وعن بكاء جدته وخوفها من سقوط السقف في ليلة مطيرة، حيث قال "دخلت علم الفلك من باب اعرف عدوك"، ما بين متابعة السلوك الزراعي وسلوك الحشرات وتجمعات النمل واستدلاله بها على حالة الطقس، تهم عديدة واجهها الزعاق كالتنجيم وبأنه شخص منعزل وتطرق لجانب مهم أن البعض يهتم بعلم الفلك لمعرفة الجانب العملي فقط لا المعرفي، واستأنست بهذا الرأي خاصة أن مؤخرا أصبح لدي ولرفيقاتي اهتمام معرفي بالقمر ومنازله وأطواره بل استعادت السنة القمرية وهجها مع ارتفاع الوعي بحركة القمر والشمس، أيضا ارتباط الجانب الروحاني بالأجرام السماوية.

الدكتور خالد استثمر في معرفته ودرس العلم في أميركا، وقال إنه "علم يحبب لك الحياة" هذا المنطق بحد ذاته يبرز جمالية فكر الزعاق وحضوره الشاعري بجانب العلمي لهذا أجد أنه أقرب لعلماء العصور الذهبية المتنوعين والبارزين، حلل أيضا فكرة "التنبؤات السنوية" ووصفها بالهراء وقال عبارة دقيقة أن الشخص المدعي قد يقول 100 مسألة مستقبلية توقع ويصدق منها 20 مسألة فتجير له كنجاح، هنا الحد الفاصل بين العلوم المزيفة والعلوم الموثوقة.

من أهم المعلومات التي سبق وأن تطرق لها الدكتور الزعاق قبل 9 سنوات مع الإعلامي القدير عبدالله المديفر تفسيره لقصر الشهر القمري، فالقمر يدور حول الأرض في مدار منبعج ليس مدارا دائريا فهذا الانبعاج هو الذي يؤثر في قضية مكث القمر وقصر مدته، وقد تتساءل الأجيال الشابة ما سر اختيار التقويم القمري في سنوات الهجرة وما القيمة التاريخية والدينية لهذا التأريخ، خاصة ونحن نشهد تحولا عمليا مهما للتوافق مع التقويم الشمسي.

تشير المصادر إلى أن التقويم القمري اعتمد في مكة عام 412 واتفقوا فيه سادة العرب على عدد الأشهر ومسمياتها وحددت فيه الأشهر الحرم حتى جاء تاريخ هجرة سيدنا ونبينا محمد عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم من مكة إلى المدينة بسنوات، والتأريخ الهجري له مكانته العظيمة منذ عصر الصحابة -رضوان الله عليهم- وحتى يومنا بل إن اهتمام المملكة في اعتماده لسنوات هو حفظ مقدر ومستمر، وقد اعتمد مجلس الوزراء بالفعل التاريخ الميلادي مؤخرا في نهاية عام 2023، مؤكدين أن يكون لاحتساب المدد في جميع الإجراءات والتعاملات ما عدا ما كان مرتبطا بأحكام الشريعة الإسلامية المبني فيها احتساب التاريخ الهجري.

إن هذه المواسم والتاريخ تحتاج بالفعل للعلماء والمفكرين، وبالتأكيد أن هناك العديد من الأسماء المتميزة بجانب الزعاق، وتحفيز المهتمين بالمجال الفلكي، وكل عام والوطن يزخر بالعلماء والمفكرين الذين يجعلوننا نزداد فخرا وعلوا عام هجري سعيد أتمناه للجميع.

نقلا عن الوطن السعودية

ads