نانسي نبيل فودة تكتب: السعادة ورهان التضحية

التضحية من الصفات المحمودة التي تنبع من داخل الإنسان، ليميز آخر عن نفسه في أوقات مختلفة، وأحيانًا في أوقات عصيبة، ولكن الأجمل من ذلك تكون هذه التضحيات من خلال قناعة داخلية أنه فعل الصالح لتحقيق السعادة من خلال التنازل أو التضحية بشيء ما أو تشبث  برأي ما، فالسعادة تكمن  في كثير من الجوانب التي يمكن للإنسان تحقيقها، وخاصتا إذا تزامنت هذه السعادة في تحقيق التضحية والأفضلية من أجل الوالدين، أو الأبناء، أو كل عزيز لنا، فهو شعور ناتج عن عمل يحبه الإنسان وعلى قناعة تامة به، ليغير مسار حياته وحياة غيره إلى الأفضل،  فامتزاج السعادة مع التضحية تبرز أفراد من نوع خاص، قادرين على أخذ قرارات صعبة في أوقات مختلفة، بإراداتهم وصبرهم ورغبتهم ووعيهم الكامل.

 فإذا عزمَ الإنسان على أن يكونَ سعيداً سيفرحُ بأبسط الأشياء وأصغرها ويحفلُ بها، وينظرُ لها بعين الرِّضا والحب، لا السخط والكره، وسيركُل كلّ ما يُنغّص عليه فرح وسعادة يومه؛ حيثُ لن يستطيعَ الإنسان أن يمنَع الهموم والمتاعب من التحلّق حوله، لكنّه بالطّبع يستطيع أن يمنعها من دخول عقله، فوسائل التّنغيصِ وطُرقه كثيرة، لا تنتهي إلّا باتّخاذ المرء قراراً يمنحُ به نفسه السّعادة لة ولغيره.

أما عن فوائد التضحية، فتساهم بشكل لا محدود ولا متناهٍ في التكافل والتماسك لكافة طبقات المجتمع، فقيرها وغنيّها، كبيرها وصغيرها، ونشر السعادة بينهم، كما أن للتضحية دور في مصارعة النفس الأمارة بالسوء فتفتك بها وتخالف هواها، فالتضحية تجعل من المجتمع مُحِبًّا متعاطفًا مع بعضه البعض بعيدًا عن الأنا وحب النفس والذات. وتجعل الأفراد داخل المجتمع أقوياء أسوياء، فهي تجعل القلب قنوعًا راضيًا تحقق غنى النفس، كما تجعل القلب والنفس معلقين بالآخرة، ليست الدنيا الفانية، فبالتضحية تخلّص الأمة والأفراد من الضائقات والأزمات بمختلف أشكالها، وتخلق أجواء مختلفة بعيدة عن التوتر والاحتقان الداخلي، تزرع طمأنينة النفس والسعادة لديهم بشكل كبير، فهما كلمتان ما بين ( التضحية والسعادة) فكثير منا يستكبر أن يضحي خوفا من أن يوصف بالضعف او الهزيمة، ولكن هذه الأفكار خادعة فالتضحية من شيم الرجال الأقوياء، ومن الأسس الرئيسية لجلب السعادة المستقبلية له ولغيره، وكسب جولات الحياة بجميع أشكالها.