الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

الدخنتوس بنت لقيط.. أول امرأة تشغل منصب مستشارة حرب عند العرب

الأربعاء 26/أكتوبر/2022 - 08:47 م
الدخنتوس بنت لقيط
الدخنتوس بنت لقيط

شخصيتنا اليوم قد تكون غريبة الأسم، لكنها كانت أول امرأة تشغل منصب مستشار حرب عند القبائل العربية، فكانت قبائل بنو تميم لا يدخلون حربا مع غيرهم إلا بعد استشارتها، كما كانت تخرج مع الجيش وتوجه الفرسان في المعركة.


وكانت أول معركة تتولى فيها مستشارة حرب كانت يوم شعب جبلة، ولم تكتفي بكونها فارسة شجاعة، بل كانت شاعرة من شاعرات العرب التي كن يتفاخرن بها، فبرعت في شعر الهجاء والمديح والرثاء، إنها الدخنتوس بنت لقيط.




من هي الدخنتوس


هي الشاعرة العربية والفارسة الشجاعة الدخنتوس بنت لقيط بن زراره التميمي، والدها هو لقيط بن زرارة بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان التميمي.


ولقيط والد الدخنتوس كان فارسا وشاعرا عربيا؛ كان يكنى أبا الدختنوس في السلم وأبا نهشل في الحرب، كان رجل محسن من أشراف قومه، قتل يوم شعب جبلة بنجد وهو من أعظم أيام العرب وأشدها، وكان لقيط رئيس قومه في ذلك اليوم.


وأُمها هي زينب بنت قيس بن مسعود، بن مخرمة القرشية المطلبية، لما بعث النبي عليه الصلاة والسلام، أسلمت وصلت القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفيت بعد ذلك.




سبب تسميتها بالدخنتوس


ذكر المؤرخون، بأن سبب تسميتها أن والدها لقيط كان مقربا جدا من الملك كسرى أنو شروان بن قباذ بن يزدجرد بن بهرام جور، الملك الساساني الفارسي المعروف، وكان دائما ما يسافر إليه.


وكان يحمل معه الهدايا والكسايا، وكان كسرى يحبوه ويكرمه، وكان لكسرى بنت تدعى "الدخترنوش"، ومعناه البنت الهنيء السعيدة"، فأخذ لقيط الأسم من الفارسية وعربه وأطلقه على ابنته وسماها على إسمها، وكانت ذات جمال أخاذ وبهاء ودهاء.




حياتها وشبابها


أهمل المؤرخون فترة شباب الصبية العربية الدخنتوس، ولم يذكروا منها كثيرا غير أنها تزوجت ثلاث رجال وهم: أبي شريح عمرو بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم وهو ابن عمها، ثم طلقت وتزوجت عمير بن معبد بن زرارة وهو أيضا ابن عمها، ولكن توفي، ثم تزوجت أخيرا خالد الزراري.


تولها مستشارة حرب


لما حضرت يوم شعب جبلة، كانت معركة فارقة في حياة الدخنتوس، ولمن لا يعرف يوم شعب جبلة، فهو حدث وقع في عام الفيل بين بنو تميم وبين بنو عامر.


وجبلة هذه هي هضبة حمراء بين الشريف والشرف، والشريف ماء لبني نمير، والشرف ماء لبني كلاب، وجبلة جبل له شعب واسعة لا يؤتى الجبل إلا من قبل الشعب والشعب متقارب من بعضه.


وقد تحزب مع تميم قبائل بنو مرة وفزارة ذبيان وبني أسد، ضد بنو عامر وحلفائهم من بني بارق وعبس الذين تحصنوا في شعب جبلة، وكان الأحوص بن جعفر الكلابي هو زعيمهم وقائدهم فأشار عليهم قيس بن زهير العبسي بأن يأخذوا النساء والذراري والأنعام ويتحصنوا بها في شعب جبله.




وأمر بالإبل أن تعطش وتعقل وتقيد بالحجارة الكبيرة، وأن تكون الإبل في مقدمة الشعب ويستتر خلفها الرماة والمقاتلون، وأمرهم إذا غشاهم القوم أن يطلقوا قيود الإبل ثم ينخسوها بالعصي والرماح لتنطلق في اتجاه عدوهم الذين يقفون في طريقها إلى الماء فتدكهم الجمال والحجارة، ثم يأتي دور المقاتلين من خلفهم فيرمونهم بالسهام والنبل والحجارة.


فطبقت الخطة وحدثت مذبحة عظيمة بزعامة ذبيان، فدكتهم الإبل والحجارة وأجهز عليهم المقاتلون من بني عامر وعبس، حتى أنها كانت كفيلة بنهاية حرب ضروس بينهما ولم تقم القائمة لذبيان بعدها على عبس حتى أن بنو تميم قالوا لأول مرة نرى الإبل تقاتل مع أصحابها.


لكن الدخنتوس حضرت يوم شعب جبلة حيث أخذها والدها معه في هذا اليوم، وفي أثناء زحف جيش بني تميم ساروا في جمع عظيم، فلقي لقيط في طريقه كرب بن صفوان بن الحباب السعدي وكان شريفا فقال له: ما منعك أن تسير معنا في غزاتنا؟


فقال كرب: أنا مشغول في طلب إبلٍ لي، فقال: لا بل تريد أن تنذر بنا القوم ولا أتركك حتى تحلف أنك لا تخبرهم، فحلف له ثم سار عنه وهو مغضب، وعاد كرب بن صفوان فلقي لقيطًا فقال له: أأنذرتَ القوم؟، فأعاد الحلف له أنه لم يكلم أحدًا منهم فخلى عنه.


فقالت دختنوس لأبيها لقيط: ردني إلى أهلي ولا تعرضني لعبس وعامر فقد أنذرهم لا محالة، فأستحمقها وساءه كلامها وردها ولم يسمع مشورتها حول أنهم سينهزمون في المعركة، فتجاهل أبوها رأيها وسار بالجيش فاقتتلوا مع بني عبس وبني عامر قتالًا شديدًا وكثرت القتلى في تميم وقتل رؤساء الجيش وتم آسر زوجها عمرو بن عدس وعمها وأبيها، وطعنه شريح بن الأحوص العامري فَتذكر ما قالته دختنوس فَجعل يرثيها عند احتضاره.




وبعد هزيمة قبيلتها، وعرف قومها وسادات قبيلتها أن رأيها ومشورتها كانت في مكانتها، ولوها مستشارة حرب لقبائل بنو تميم، فكانوا لا يقتتلون إلا بعد الرجوع إليها ومشاورتها في تكتيكات الحرب، فكانت أول امرأة تتولى منصب مستشارة حرب.


وفاتها


ذكر الضبي في كتابه "الأمثال"، أن الدخنتوس توفيت توفيت في العام 594 م، أي بنحو 30 سنة قبل الهجرة النبوية، بينما عاشت أمها من بعدها وشهدت بعثة وهجرة النبي وصلت القبلتين.

 

اقرأ أيضًا..

هل الحسد موجود في حياتنا ويستطيع التحكم بنا؟.. «الإفتاء» تجيب


ads