الملكة ماوية.. الفارسة العربية التي هزت عرش الإمبراطورية الرومانية
شخصية اليوم هي امرأة عربية شجاعة، عرفت بالفروسية والإقدام، حكمت قبائل التنوخيين وكونت جيشًا كبيرًا حارب الرومان حتى قيل إنها هزت عرش الإمبراطورية الرومانية بأكملها.
حررت عددًا من الدول التي كانت تسيطر عليها الامبراطورية الرومانية في القرن الرابع منها فلسطين ومصر وفنيقيان ولولا الهدنة التي قامت بها الامبراطورية الرومانية معها لكانت أزالتها.
عرفت بأنها أقوى امرأة على الأرض بعد الملكة زنوبيا التي قادت أيضا ثورة ضد الرومان مع زوجها أذينة، ولقبت بالعديد من الألقاب منها ملكة "السرسين"، وملكة "الساركانيوس"، ومنها أيضا ملكة "التنوخين"، إنها الملكة ماوية التنوخية.
من هي الملكة ماوية؟
هي الملكة العربية الغسانية سلاف ماوية بنت هم التنوخي، تنتمي لقبائل تنوخ، وهم قبائل عربية شاردة هاجرت من شبه الجزيرة العربية إلى شمالها فسكنت الأردن وسوريا قبل قرن من ولادة ماوية.
وزوج ماوية هو الهواري بنت برشم، وهو آخر ملوك تحالف القبائل التنوخية شبه البدوية في جنوب سوريا في النصف الثاني من القرن الرابع، وكان ملكا على تحالف قبائل التنوخية، ولكنه توفي في العام 375م، دون وريث للعرش.
ولكن ماوية التنوخية، نصبت نفسها على العرش وأصبحت ملكة التنوخين ونهضت لتأمر التحالف بالتمرد والثورة ضد الحكم الروماني الذي سيطر على بلاد الشام.
بداية حروبها مع الرومان
بعد وفاة زوجها وتنصيبها على عرش التحالف، قادت بعض الحروب والمناوشات مع الرومان، وخلال حروبها قابلت راهبا زاهدا اسمه موسى، أدهشها كثيرا حتى أنها اعتنقت المسيحية الأرثوذكسية، وفقا لبعض المؤرخين، وكان شرطها لعقد هدنة مع الرومان هو تعيين هذا الراهب أسقفا على شعبها.
لكن الإمبراطور الروماني فالنس كان له رأي أخر، حيث تجاهل مطالبها الخاصة بتعيين أسقف أرثوذكسي لهم، وأصر على تعيين أسقف من العرق الآري وهو لوقا الأريوسي، من أساقفة مذهب الأريوسيين، الذين كانوا أتباعاً مباشرين للقسطنطينية.
وهو ما اعتبره العرب بمثابة محاولة لفرض الهيمنة الدينية والسياسية المباشرة من الرومان عليهم، فانسحبت ماوية من حلب إلى الصحراء مع شعبها للتحالف مع بعض القبائل، وللحصول على الدعم من شبه الجزيرة العربية وسوريا استعدادا لقتال الرومان.
اقرأ
أيضًا..
رعلة بنت المضاض.. الجميلة أم العرب وزوجة إسماعيل النبي
شراستها مع الرومان
كان لوقا الأريوسي يتمتع بسمعة سيئة لدى قبائل العرب بسبب ارتباطه المباشر بالقسطنطينية، حيث كانت عاصمة للإمبراطورية الرومانية الشرقية البيزنطية، وكان رفض قبائل العرب لهذا السبب.
فقررالإمبراطور فالنس الروماني أن يجهز جيشا كبيرا ويحارب العرب، وأمر بنفي الراهب موسى وطرده إلى الإسكندرية، وبدأ يتحرك لقتال التنوخيين بغرض تأديبهم وإجبارهم على الخضوع له.
وكانت ماوية على قدر كبير من الذكاء، حيث كانت على دراية بخطط الرومان عرفتها عندما كان زوجها ضمن حلفهم الكبير، فقررت أن تحاربهم بطريقة مختلفة، فأمرت جيشها بالتراجع بعيداً عن مدن خناصر وحلب، والانسحاب باتجاه الجنوب والشرق إلى البادية.
ومن هناك فتحت جبهة ممتدة من أقصى شمال سوريا وحتى مصر جنوبا، وبدأت بتوجيه الضربات إلى المدن الرومانية، واستمرت حربها ضد الرومان طيلة 3 أعوام، ما بين عامي 375م و379م.
وكان الإمبراطور الروماني، يرسل جيشا خلفه جيش طيلة الثلاثة أعوام، حتى استنزفت قوة جيوش الإمبراطورية الرومانية دون خوض مواجهة مباشرة معها، حتى أن بعض المؤرخين وصف ما كان يحدث لجنود الرومان بأن كثير من جنودهم لحقهم الجنون.
انتهاء الحرب
لم يجد الإمبراطور الروماني بد من تعيين الراهب موسى كأول أسقف عربي على العرب، وبدأت تنشأ كنيسة عربية في الشرق الروماني وتجتذب العديد من التنوخيين من بلاد الرافدين.
ونجحت ماوية في استعادة تحالف التنوخ والامتيازات التي حظوا بها جانب حكم الإمبراطور يوليان بنهاية الحرب، وزوجت ماوية ابنتها الأميرة تشاسيدات إلى قائد حربي من الجيش الروماني يدعى فيكتور لتعزز التحالف.
وفاتها
لم تدم الملكة ماوية التنوخية طويلا، حيث توفيت في العام 425م، أي قبل مولد النبي عليه الصلاة والسلام بأكثر من مائة عام، وتوفيت بمدينة خناصرة بدمشق.