الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

إيمان سمير تكتب: هو

الجمعة 26/أغسطس/2022 - 10:39 ص
هير نيوز

أيها القابع خلف ذاكرتي وأيامي، كيف وجدت فراقي واحتجابي؟ هل ما زلت تظن أنك ثَمِلْت في قلبي دهراً؟ ماذا يفزعك... هل أرهبك صمتي واختفائي؟ إلى أي شيء هفت روحك؟


أنا أعلم إلى ما تشتاق، هيا معي سأصطحبك للوراء.


سأذكرك بطويلة القامة هذه والحرية تطل من جميع جسدها، وكيف نافست صديقتها في العدو أمام مرأى ومسمع من الجميع.


أراك الآن تتذكر ضحكاتها التي هي أصفى من ماء شلال في وضح النهار.


والشلال.. هل تذكره؟ كم كنا سعداء بهذه النزهة بهذا البلد الغريب، سأمسك بيدك الآن ونمضي في نفس الأماكن القديمة، المياه تحيط بنا من ثلاث جهات وخلفنا سيارات كثيرة، ترجل كل من بها مثلنا.


احترس على الصغيرة فهي تعشق الماء مثلي وتجري نحوه، اقبض على يدها جيداً، واترك عطرك بكفها الصغير فاسمك خلف إسمها غير كافٍ كي تذكرك دوماً.


هيا نذهب لخلوتنا التي لا يعرفها سوانا، اتخذنا هذا المكان سراً لنا حتى نهرب من كل الصحب، على هذا الشاطئ تصنع لنا بيدك الشواء، هل تذكرت هذا الأسيوي الذي مرَ بنا؟ أنا أذكره جيداً، كم كان نحيلاً هزيلا، هو الوحيد الذي علم بمخبئنا السري.


ذكرني الآن إلى أين ذهبنا في اليوم التالي...

نعم تذكرت، إنه هذا المهرجان العظيم الذي يقام دومًا في خريف هذا البلد، تمضي الصغيرة أمامنا تطلب هذا الصنف من الطعام الذي لا تمل من تناوله، نذهب معها.. فتُحَدِث البائع عن بضاعته ثم تجلب اثنتين، لها ولي فلم تستهوك يوماً هذه الأطعمة، نكمل معاً ويدك فوق كتفي فيناديك مصري آخر ويدعوك بـ "العريس" فالجميع كان يتذكرنا دوماً هكذا رغم مرور السنين.


كنت تخاف من عيونهم علينا، حتى إنك كنت تمرض سريعاً، كنت أبكي لألمك، وأسهر على راحتك، أضع الماء المثلج على جبهتك، كم دعوت الله لك.. هل تذكر جُملتي الشهيرة عند مرضك؟ انهض واصنع بي ما تشاء من نَهْرٍ أو صفع، ولكن لا تكن في وهنٍ وتعب.


هل تذكر هذا الشارع المليء بالبضائع والأحذية ومساحيق التجميل؟ شارع السلام.. حقاً كنت أحمل راية السلام تيمناً به، وذُبِحْتُ غدراً .


هل تذكر الوادي وهذا المنزل الذي سعدنا بجماله وهوائه؟


أتُراه أفضل أم هذا المنزل في الطابق الأول الذي لم نختلف به يوماً طوال شهرين قضيناهما؟ عن نفسي أحببت الاثنين.

                                

هيا نصعد الجبل.. هل تراني وأنا أخرج يدي من السيارة أحاول لمس السحاب؟


قد كنتُ تجيد تجسيد دور المحب الخائف على شريكته، فكم صرخت حتى أُدخل يدي وأنا أفكر في حريتي فقط وسعادتي أنني أحصل على جزء منها.


أسرع فهنا نقابل أصدقاءك، نتحدث ونروي الكثير، هل تعتقد أنهم ما زالوا يذكروننا؟


لم أعرف يوماً المعنى الحقيقي وراء نظرة الشفقة لي منهم، اليوم أيقنت أنهم يعرفونك جيداً، كانوا يرون النهاية مثلك، فأنت صانعها وهم رفقاؤك، أما أنا فقد كنت كمن يحوم حوله ملك الموت، الجميع يرون هلاكه وقاتله يعلم وهو لا يملك إلا الضحكات البريئة الساذجة. أدعو الله أن أظل هكذا.. لا أملك بين حنايا قلبي سوى الحب دوماً للجميع والموت بنفس الابتسامة، لا أريد أن يتسلل خُبث هذا العالم لقلبي، فليظل طفلاً لا يعرف للوهن طريقًا.


الكلمات المفتاحية
ads