هل ينتقض الوضوء بمس عورة المريض المغلظة؟.. «الإفتاء» تُجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية، سؤالًا عن حكم مس عورات المرضى، وخاصة العورة المغلظة منها بحكم الكشف والعلاج، وعن حكم الوضوء بعد المس، وقال طبيب في سؤاله: "أنا طبيب وأضع يدي للكشف على أماكن العورات المغلظة للمرضى بغرض العلاج، وغالبًا ما أكون على وضوء، فهل ينتقض وضوئي بذلك؟".
انتقاض الوضوء بمس العورة
ويجيب عن ذلك السؤال، فضيلة لأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية: انتقاض الوضوء بمسِّ العورةِ من المسائل التي اختلف فيها الفقهاء؛ فجمهور المالكية والشافعية والحنابلة يرون انتقاض الوضوء بمسِّ العورةِ، أما فقهاء الحنفية وأكثر الصحابة والتابعين فيرَوْن عدمَ انتقاضِ الوضوء بمجرَّد مَسِّ العورةِ، سواء مَسَّ نفسَه أو مَسَّ غيرَه، ولكن ينتقض الوضوء عندهم إذا استتبع المسَّ خروجُ شيءٍ من مُبطلاتِ الوضوء، ويجوز للسائل أن يُقلِّد مذهبَ الحنفية؛ على القاعدة التي تقرَّرت: أنَّ "مَنِ ابتُلِي بشيء من المختلَف فيه فليقلِّد من أجاز".
تعريف العورة
فالعورة في اللغة تُطلق ويُراد بها معانٍ عدَّة منها: السَّوْءة، وكلُّ شيء يستره الإنسان أنَفَةً وحياءً فهو عورة؛ قال العلامة الفيومي في "المصباح المنير" (2/ 437، ط. المكتبة العلمية بيروت): [وقيل للسَّوْأة: عورةٌ؛ لقُبح النظر إليها، وكلُّ شيء يستره الإنسان أنَفَةً وحياءً فهو عورة] اهـ.
اقرأ أيضًا..
حكم تأخير صلاة الجمعة عن وقتها من أجل اجتماع المصلين.. «الإفتاء» تجيب
وأمَّا المسُّ لغة فهو: مأخوذ من مسسته، ويُطلَق ويُرادُ به الإفضاءُ باليَدِ من غير حائلٍ، يقال: مَسَسْتُه مسًّا -من باب قَتَلَ- أي: أفضيتُ إليهِ بيَدِي من غيرِ حائلٍ، وقد يُطلَق ويُرادُ به الجِماعُ فيُقالُ: مَسَّ امرأَتَه -مِن بابِ تَعِبَ- مسًّا ومَسِيسًا، كناية عن الجِماعِ؛ قال العلامة ابن منظور في "لسان العرب" (6/ 217- 218، ط. دار صادر): [مسس: مَسِسْتُهُ، بِالْكَسْرِ، أَمَسُّهُ مَسًّا وَمَسِيسًا: لَمَسْتُهُ، هذه اللغة الفصيحة.. وَالْمَسُّ: مَسُّكَ الشَّيْءَ بِيَدِكَ، وَيُقَالُ: مَسِسْتُ الشَّيْءَ أَمَسُّهُ مَسًّا: إِذَا لَمَسْتَهُ بِيَدِكَ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِلْأَخْذِ وَالضَّرْبِ لِأَنَّهُمَا بِالْيَدِ، وَاسْتُعِيرَ لِلْجِمَاعِ لِأَنَّهُ لَمْسٌ] اهـ.
اختلاف الفقهاء
وكذلك يراه من التابعين: الحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وهو مذهب سفيان الثوري؛ قال العلامة بدر الدين العيني في "البناية شرح الهداية" (1/ 296، ط. دار الكتب العلمية): [مَسُّ الذَّكَر مَعَابَةٌ لا ينقض الوضوءَ عندنا، وهو قول عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وعمار بن ياسر، وزيد بن ثابت، وحذيفة بن اليمان، وعمران بن الحصين، وأبي الدرداء، وسعد بن أبي وقاص عند أهل الكوفة وأبي هريرة في رواية عنه، هكذا حكاه أبو عمر بن عبد البر. ومن التابعين: الحسن البصري، وسعيد بن المسيب وهو مذهب سفيان الثوري، وقال الطحاوي: لم يُعلَم أحدٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفتى بالوضوء منه غير ابن عمر، وقد خالفه في ذلك أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.
وبناءً على ذلك: فانتقاض الوضوء بمسِّ العورةِ من المسائل التي اختلف فيها الفقهاء؛ فجمهور المالكية والشافعية والحنابلة يرون انتقاض الوضوء بمسِّ العورةِ، أما فقهاء الحنفية وأكثر الصحابة والتابعين فيرَوْن عدمَ انتقاضِ الوضوء بمجرَّد مَسِّ العورةِ، سواء مَسَّ نفسَه أو غيرَه، ولكن ينتقض الوضوء عندهم إذا استتبع المسَّ خروجُ شيء من مُبطلاتِ الوضوء.