مع التطور التكنولوجي الذي وصلنا له اليوم، أصبحت وسائل التكنولوجيا الحديثة تسيطر على الكثير منا، ولا يمكن أن يتخلى عنها أي شخص، فهي تربطنا بالعالم الخارجي وتساعدنا في إنجاز المهام والأعمال، ولكن في ظل كل هذه التطورات لا يمكننا أن ننسى أول مبرمجة حاسوب في التاريخ.

كانت آدا لوفلايس، عالمة رياضيات بارعة وأول مبرمجة حاسوب في العالم، كما أنها كانت نوعية نادرة جدًّا للنساء في عصرها، والتي استطاعت أن تحقق نجاحًا في مجال العلم والتكنولوجيا.

ولدت الفتاة الإنجليزية أوجستا آدا بايرون، التي صارت كونتيسة لوفليس فيما بعد، في 10 ديسمبر 1815 في لندن، مع أسرة غير مستقرة وظروف سيئة؛ حيث كان والدها هو الشاعر الرومانسي اللورد بايرون، ووالدتها آن إيزابيل ميلبانكي أو "آنابيلا"، وكان لوالدها علاقات وأبناء غير شرعيين ولكنها كانت الابنته الشرعية الوحيدة له.

 ولكن والدها لم يكن سعيدًا بولادتها ولم يستقبلها بالترحاب؛ بسبب رغبته في أن تكون ولدًا وليس فتاة، وانتقل إلى لندن وتركها هي ووالدتها بعد ولادة آدا بشهر واحد، بعد أن انفصل عن والدتها رسميًّا.

وكان حب الأب للشعر يدفعه للجنون والتفكير بشكل غير عقلاني؛ مما دفع الأم أن تحث ابنتها عن حب العلوم والرياضيات؛ حتى لا تهيم بالشعر وتصبح مثل والدها، وذلك بعد استقراره في لندن وترك بريطانيا تمامًا حتى توفي أثناء حرب استقلال اليونان عام 1824، وبالتالي حرمت آدا من رؤية والدها نهائيًّا.

استطاعت والدة آدا لوفلايس، أن تربي وتعلم ابنتها بشكل جيد بمساعدة جدتها؛ وذلك حيث أحضرت لها مجموعة من أمهر المعلمين في المنزل لتتعلم الفلسفة والمنطق والعلوم والرياضيات والموسيقى. 

كانت تحب آدا الاختراعات الجديدة وما يشبه الآلات، فكانت تطلع على تصميماتها والرسوم التخطيطية لكثير من الاختراعات المتاحة في أي من الدوريات العلمية.

وحاولت بالفعل في طفولتها أن تقوم بتصميم آلة طيران تعمل بالبخار، معتمدة على دراسة تشريح الطيور حتى يكون الجسم متوافق مع الأجنحة.

وتعلمت آدا لوفلايس على يد ويليام فريند وماري سمرفيل، الأسكتلندية التي كانت من أشهر علماء الرياضيات والفلك في إنجلترا، بعد أن ترجمت كتاب آلية السموات لبيير سيمون لابلاس.

لقاء آدا لوفلايس، بعالم الرياضيات والمخترع تشارلز باباج، كان بمثابة نقطة تحول في حياتها، فكان هو فرصتها نحو اطلاع أوسع بمجال الرياضيات.

تبادلت آدا لوفلايس، الأفكار لفترة طويلة مع المخترع تشارلز باباج، وأطلق باباج عليها لقب "ساحرة الأرقام"؛ كونها كانت مهتمة بالتطور العلمي وعلوم الدماغ والتتنويم المغناطيسي.

وكانت آدا لديها أفكار عن إنشاء نموذج رياضياتي يوضح كيفية عمل الدماغ وقدرته على إرسال الأفكار والدفعات العصبية وتحويلها إلى مشاعر.

واستطاعت عالمة الرياضيات والفيزياء أن تجعل للآلة الميكانيكية الحسابية أدوارًا أخرى تتخطى القيام بالعمليات الحسابية والمعادلات المعقدة.

واعتبرت آدا لوفلايس أول مبرمج كمبيوتر في العالم، بعدما أنجزت في عام 1843 ورقة بحثية مفصلة وكاملة ونشرتها بالفعل، وتضم هذه الورقة تعليمات لجهاز كمبيوتر أو آلة ليتم استخدامها للوصول إلى نتيجة لم يتم حسابها مسبقًا.

وتمكنت لوفلايس أن تحقق إنجازها؛ لأنها فهمت المحرك التحليلي بصورة أكبر عمقًا، وأدركت أنه يمكنه التعامل مع الرموز، ونظرت فيما وراء الجداول والعمليات الحسابية المعقدة.