في انتصار لـ"هيرنيوز" أصدرت نيابة القاهرة الكلية قرارًا بحبس رجل الأعمال محمد الأمين رجب أحمد أربعة أيام على ذمة التحقيق في القضية رقم  188 / 2022 بتهمة الإتجار في البشر، والتعدي على بعض الفتيات بداري أيتام بصفته المسئول عنهما.

وكان الموقع قد فجر القضية على مدار الأسابيع الماضية، ومنذ عدة أيام بدأت تحقيقات النيابة العامة في صمت باستدعاء المتهمين، والتي أسفرت عن سقوط رجل الأعمال وسيسقط معه الكثير من المتهمين، والتي ستعصف بالعديد من المتورطين في هذه القضية.

فعقب نشرنا للحلقة الأولى من قصة المتحرش المسنود تحت عنوان "انفراد.. ننشر قصة 3 فتيات.. من دار الأحداث إلى جحيم "المتحرش المُتصابي" باليتيمات".

وردود الأفعال لم تنقطع سواء داخل وزارة التضامن الاجتماعي أو خارجها.

وكشفت لنا المستندات عن تواطؤ موظفي الوزارة ومنح رجل الأعمال ترخيصًا لدار الأيتام رغم وقف الوزيرة غادة والي لتراخيص دور الأيتام منذ عام 2017.

ورغم امتلاكنا لتسجيلات صوتية للفتيات وشهادات من بعض موظفي الوزارة، وكذلك صور لرجل الأعمال مع الفتيات بالساحل الشمالي إلا أن هدفنا  لم يكن التشهير بأحد ولا ركوب "الترند"، ولكن كان الهدف الأساسي محاسبة المتورطين في هذه الكارثة الإنسانية والتي أكدها قرار النائب العام.

فقد اجتمعت الوزيرة مع الفتيات لتهدئتهن ووعدتهن باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المتحرش، بعد أن تم نقل الفتيات إلى مصحة نفسية لعلاجهن من تداعيات الإيذاء النفسي الذي يعانين منه نتيجة تعرضهن للتحرش.

- كارثة نقل الفتيات تليفونيًّا

وقد تكشفت لنا تفاصيل جديدة أقل ما توصف به بأنها "مهزلة":

المهزلة الأولى التي توقفنا أمامها كثيرًا هي نقل الفتيات بمجرد اتصال تليفوني من رجل الأعمال الذي افتتح دارًا لرعاية الأيتام بمحافظة بني سويف، وطلب نقل مجموعة فتيات لاستكمال السعة الاستيعابية للمؤسسة التي افتتحتها الوزيرة أمام كاميرات القنوات الفضائية، وتم الاستجابة إلى طلبه تليفونيًّا وبموافقة شفاهية.

ولا ندري كيف يمكن أن يتم الاستجابة إلى هذا "المسنود" واستكمال الإجراءات بمكالمة تليفون!!

وفي تقرير أصدرته الإدارة المركزية للرعاية الاجتماعية التابعة للإدارة العامة للأسرة والطفولة مرفوع إلى الوزيرة بتاريخ 28 سبتمبر الماضي يقول فيه: إن رئيس مجلس أمناء "المؤسسه " طلب تليفونيًّا عدد 5 أطفال لاستكمال السعة الاستيعابية للدار، وبالفعل تم التنسيق معه وتم تسليم المؤسسة عدد 5 أطفال كان من بينهم فتاتان ( ن. م . ع) مواليد 2004 من مركز التصنيف بالعجوزه والمحولة "ضيافة" من دار الهداية لرعايه الأيتام بمحافظة القاهرة والفتاة (ن . ص . ي ) مواليد 2003 من مؤسسه فتيات العجوزه والمحولة "ضيافة" من دار جمعية مصر لحماية الأسرة والبيئة لرعاية الأيتام، وتم نقل الفتيات إلى الدار التي يمتلكها رجل الأعمال في شهر يوليو 2021، وتم أخذ تعهد شفاهي من مسؤول الإدارة العامة للأمومة والطفولة بعدم صدور أي مشكلات، وعدم تأقلم الفتاتين أو إحداهما سواء مع زميلاتهن بالدار أو مع الجهاز الوظيفي أو حدوث أي تمرد منهما على تعليمات الدار ويتم نقلهما فورًا من الدار.

اقرأ أيضًا..

الفتيات حاولن الانتحار.. تفاصيل جديدة في قضية رجل الأعمال المتحرش باليتيمات..مستندات

- الفتيات يرفضن العودة إلى الجحيم

وما يهمنا هو البند رقم 6 من تقرير الوزارة حول الفتيات والذي يقول: إنه في يوم الخميس الموافق 23 سبتمبر الماضي قامت الفتاتان "ن.م" و"ن.ص" لزميلتهما "آ.ج" المقيمة في مستشفى الرخاوي بالمقطم بوجود أخصائي بالإداره العامه للأسرة والطفولة لرؤية بعلم رجل الأعمال رئيس مجلس أمناء دار الأيتام وبالترتيب معه، وفي أثناء الزيارات أبدت الفتاتان رغبتها الملحة والعاجلة في نقلهما من الدار في أسرع وقت ممكن حتى لا تضطران إلى الهروب، وأرجع السبب إلى شعورهما لضغوط نفسية تفوق الحد نتيجة سوء المعاملة والعقاب المستمر وعدم الشعور بالأمان.

وعليه أبدتا رغبة في النقل من المؤسسة كما لوحظ على "ن" أنها تعاني من توتر شديد وقلق واختناق وحيرة وشحوب الوجه وهالات سوداء حول العينين، كما لوحظ  التردد في الإدلاء بأي تفاصيل عن أسباب حالتها، كما لوحظ على الفتاة الأخرى تعرضها لصدمة كبيرة؛ حيث إنها صامتة على غير عادتها وخائفة وتنظر نظرات مريبة وغير دائمة، والأخطر والذي ذكره التقرير أن الفتاة "ن" دائمة النظر إلى شريان يدها اليسرى وتؤدي حركات مفاجئة غير مبررة، بالإضافة إلى اصفرار وشحوب وجهها، وهذه الملاحظات تتطابق مع ما ورد في التقرير النفسي الصادر عن مركز التوجيه والإرشاد النفسي ببني سويف.

- الفتيات يعترفن بتعرضهن للتحرش

وقد تم تشخيص المريضة مبدئيًّا بحالة اكتئاب جسيم مع اعتبار أن تحديد التشخيص النهائي يحتاج إلى مزيد من الملاحظة.

والكارثة التي كشفها التقرير أنه خلال تواجد المريضة بالمستشفى أخبرت الأطباء المعالجين بأنها قد تعرضت للتحرش الجنسي من قبل صاحب الدار التي كانت تقيم بها قبل الإيداع بالمستشفى، بالإضافة إلى تعرضها للإيذاء النفسي نتيجه لذلك.

وقد تم وصف العقاقير اللازمة والتي تتكون من مهدئات ومثبطات للمزاج وأدوية مساعدة على النوم لتحسين الحالة المزاجية والتحكم في انفعالاتها، كما أنها تخضع لبرنامج تأهيلي مكثف لتعديل السلوك والتحكم في الاندفاعية والغضب، وتقوم بالمشاركة في الأنشطة العلاجية المختلفة بالمستشفى.

والأخطر أنه فور دخول الفتاة "ن  .ع .ع" المستشفى تم تقييم حالتها؛ حيث كانت سريعة الاستثارة وكان لديها عنف نفسي وجسدي، كما تبين أن المريضة لها محاولات انتحارية متعددة أحدثها منذ حوالي ثلاثة أسابيع عن طريق آلة حادة "موس".

وقد أفادت المعلومات – طبقًا للتقرير الطبي الصادر عن المؤسسة العلاجية النفسية الخاصة بالمقطم بأن "ن . ع .ع"  كانت تعاني من الصراخ المستمر والإغماءات المتكررة مع محاولات الانتحار.

وقد ذهبت استشارية مركز الإرشاد النفسي؛ حيث يتم تشخيصها باكتئاب حاد، ويؤكد التقرير أن الحالة بدأت منذ حوالي عامين بداية تدريجية، متخذة مسارًا متصاعدًا في صورة سلوكيات الهروب من الدار ومحاولات إيذاء الذات والأفكار الانتحارية وتكرار الإغماءات بالشارع، بالإضافه إلى العدوان البدني واللفظي واضطراب إيقاع النوم وظهور الهلاوس السمعية. 

أعراض كرب ما بعد الصدمة

وفي تقرير تم إصداره  في 4 أغسطس الماضي كان قد تم تطبيق مقياس كرب ما بعد الصدمة، وتبين أن الحالة قد يكون لديها أعراض كرب ما بعد الصدمة، وتتمثل في أعراض استعادة خبرات الصدمة وأعراض الاستثارة وأعراض التجنب.

وفي تقرير لدار المقطم للصحة النفسية الذي وضع تقريرًا نفسيًّا لحالة ( ن.ص .ع) - العمر 17 سنة - وكانت محولة من وزاره التضامن الاجتماعي وكان سبب التحويل المحاولات الانتحارية والاندفاعية الزائدة، كان ذلك في سبتمبر الماضي، التقرير يقول: إن "ن. ص" فور دخولها المستشفى للتقييم حيث تبين أن المريضة تميل إلى العزلة الشديدة والميل للجلوس بمفردها مع تناول كميات قليلة من الطعام، وتواصلها محدود بالآخرين، كما تبين أن المريضة لديها محاولات انتحارية متعددة آخرها منذ حوالي عام تقريبًا.