«البيت تحوّل إلى فندق».. أستاذة طب نفسي: احذري من تفكك الأسرة بسبب «الموبايلات»
مع التطور الكبير الذي شهده العالم في شبكة الإنترنت، وظهور العديد من برامج
التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي، ظهرت عواقب اجتماعية انعكست على الأسرة، فتحولت المنازل إلى مجرد فنادق للمبيت، ولم يقتصر ذلك على الأبناء، بل على الوالدين أيضًا، فلماذا ظهر ذلك التحول؟
وتُجيب على ذلك السؤال الدكتورة هبة عيسوي، أستاذة الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس، والتي قالت في تصريحات خاصة لـ«هير نيوز»: "السبب انشغال الناس يوميًا في أعمالهم صباحًا، وإذا أرادوا التواصل بعد عودتهم لمنازلهم، يتجهون لمواقع التواصل الاجتماعي مثل الإنستجرام ".
واستكملت: "ينتقل ذلك الشعور الفيروسي بالتجنب إلي نفوس الأبناء أيضًا، الأطفال منهم والمراهقين، فعلي سبيل المثال إذا أخذت الأم الأولاد إلى النادي لا تنظر إليه أثناء لعبه وممارسته للتمارين بل تنظر في هاتفها، وتتجنب الأم أيضًا أطفالها وتنشغل بالطبخ أو بالتحدث هاتفيًا لساعات طويلة. الأب على سبيل المثال يتحدث مع ابنه وهو ينظر في هاتفه ليرى أخبار الرياضة فهو سلوك متعلم ومعدي، وكل ذلك أدي إلى تحول البيوت فعليًا إلى مقرات للنوم".
وأكملت: نتيجة هذا التجنب، تتأخر المواجهات الاجتماعية بين أفراد الأسرة، حتى تظهر المشكلات الكبيرة، فلماذا تأخرت الأسرة حتى وصلت أحد أفرادها إلى التعرض لمشكلة؟، وأين كانت الأسرة في المواقف والمشكلات الصغيرة؟، كل ذلك بالطبع بسبب إهمال الحوار الأسري.
وأضافت: "قد يتأقلم كلا من
الوالدين على تجنب سماع الجيد والسيئ ليتحاشوا مشكلات أولادهم، وتنحسر المشاركة والتواصل الفعال بين أفراد الأسرة في الحديث عن ما يمروا
به في الحياة اليومية السيئ منه والجيد، أما الأطفال فلا يستطيعوا التجنب، لأنهم إذا
اعتادوا على التجنب سيكبرون مبتعدين عن والديهم ولن يعرفوا عنهم شيء، فيفتقدوا
التوجيه بسبب هذا التجنب".
الاجتماع على الطعام
واستكملت: "أسهل اجتماع للأسرة وهو اجتماع الطعام، حيث تتساهل فيه الأم وتفضل أن توجه أبنائها بالأكل بمفرده، فهذا يعطي رسالة غير مباشرة للزوج والأولاد عنوانها "ابق بمفردك"، حيث بدأت الأسر تفضل أن كل شخص يتناول طعامه في الوقت المناسب له بشكل مستقل، فنحن كأسر تفككنا بعدم وجودنا على مائدة الطعام معًا".
وشددت: "يجب أن يكون هناك مراعاة لأهمية وجود الأسرة على مائدة
الطعام، فما زالت القرى والمحافظات القبلية تولي اهتمامًا باجتماع الأسرة على مائدة
الطعام، أما القاهرة فقد أهملت سكانها هذا الوجود".
المشاجرات
واستطردت: "ينتج عن هذا التجنب شجار بين الأخوات، وبدلًا من محاولة
الأم حل مشاكلهم بالتواصل الفعال لحل المشكلة، وتوجيههم باللعب معًا تزيد الأمر سوءًا إلي الفصل بينهم بمواقع
التواصل أو تجعل كل واحد منهم يمسك هاتفه مما يؤدي إلى إضرار التواصل أيضا بين
الأخوات وبعضها فذلك يعطي رسالة غير
مباشرة ولا واعية للأطفال بأنه لا داعي للتواصل وأن الفصل هو الأفضل".
وأوضحت: "بشأن عودة الأسرة إلى سابق عهدها، فذلك يشمل عدة نقاط هامة، أولًا
يجب على الوالدين أن يفهموا أدوارهم في الحياة بشأن أبنائهم وأن يؤدوا أدوارهم بإشباع رغبات أبنائهم، وأن يدركوا مواصفات وحيثيات الدور الأكثر
أهمية، وهو إشباع الرغبات المعنوية والسلوكية والاخلاقية والحميمية الغائبة ".
وأكملت: "ثانيًا يجب على كل أب وأم أن يسأل نفسه: ماذا فعلت لابني
اليوم حتى اتقرب منه كصديق أكتر؟ فعندما
يملك الأب الوعي ينمو بداخله محاسبة نفسه على ما فعل، والمحاسبة ستقلل أخطاء الأب والأم".
اقتراحات فعالة للأسرة
وواصلت: "إذا لم تستطع الأسرة القيام بأسهل اجتماع معًا، وهو تناول
الطعام على مائدة واحدة، اقترح أن تقوم الأسرة بعدة اقتراحات، منها التحدث مع
أطفالهم ساعة أو نصف ساعة قبل النوم والحفاظ ذلك، أو مشاهدة فيلم أو مسرحية لقضاء
وقت ممتع معا، وتشجيع الأطفال على التحدث عن نفسهم أو عن أصدقائهم، وتحدث الأب مع
ابنائه عن مواقف حياته اليومية الإيجابية منها والكوميدية، فهذه هي بداية التواصل
الفعال والمشجع للحوار الأسري".
واختتمت: "ثالثا يجب على الوالدين مشاركة نشاطات أولادهم الرياضية
باهتمام، وليس فقط بالذهاب معهم الي النادي، ولكن أيضًا بالحديث التحفيزي والتشجيعي
والتعبير لمشاعرهم بأنهم فخورين بهم، ويجب
أن تتجنب الأم قول الكلمات التي نسميها "اكليشيهيات" التي تبتر الشعور بالفخر مثل قول "أحسنت" فقط أو "رائع" فقط، وتصمت لأن الطفل يعتقد أنها لم تري شيء، وإنما يجب أن تعبر له عن
مشاعرها بفخره وسعادتها بما فعل وتربي علي كتفه فذلك يوحي للطفل أن الأم تهتم لأمره
وفخورة به.
اقرأ أيضًا..