تعرفي على فضائل شهر المحرم.. واغتنميه بهذه الطاعات
الثلاثاء 17/أغسطس/2021 - 06:08 م
سمر دسوقي
ما هي فضائل شهر الله المحرم؟، وما أفضل الأعمال التي يمكن القيام بها لاغتنام ثوابه؟، سؤال ورد إلينا من إحدى متابعات «هير نيوز».
ويجيب الشيخ أحمد تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف فيقول: شهر الله المحرَّمُ شهر عظيم مبارك جعله الله سبحانه في أول العام؛ ليفتتح المسلم عامه الجديد بالخيرات والبركات. وتتعدد فضائل شهر الله المحرم لتشمل:
أنه أول شهور السنة الهجرية، وأحد الأشهر الحرم التي قال الله فيها: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التوبة: 36]. وعن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((السَّنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حُرُم: ثلاثة متواليات؛ ذو القَعدة، وذو الحِجة، والمحرَّم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان))؛ رواه البخاري (2958).
(يوم صالح) وأفضل أيام الشهر: العشر الأول منه ؛ فقد قال أبو عثمان النهدي: "كانوا يعظِّمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من محرَّم". وهو شهر نجَّى الله سبحانه نبيه موسى من فرعون؛ فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قدِم النَّبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ((ما هذا؟))، قالوا: هذا يوم صالح؛ هذا يوم نجى اللهُ بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى. قال: ((فأنا أحقُّ بموسى منكم))، فصامه وأمر بصيامه"؛ رواه البخاري (1865). وفي رواية له: ((ونحن نصومه تعظيما له))، ورواه أحمد بزيادة: "وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي، فصامه نوح شكرًا".
هو شهر محرَّم، وسمي بذلك تأكيدًا لتحريمه.
توبة نصوح جاء عن الحسن البصري أنه قال: "إنَّ الله افتتح السنة بشهرٍ حرام، وختمها بشهر حرام، فليس شهر في السَّنة بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرَّم، وكان يسمى شهر الله الأصم من شدة تحريمه". والحكمة من تفضيله: أنَّ الله يصطفي ما يشاء من الأشهر ليجود فيها على عباده إذا تعرَّضوا لفضله بالطاعات وأنواع الخيرات. وهو أوَّل العام، ولهذا يتعين افتتاح العام بتوبة نصوح تمحو ما سلف من الذنوب السالفة في الأيام الخالية. وينبغي تعظيم حرمة هذا الشهر بفعل الطاعات، واجتناب المعاصي؛ لأنَّ الذنب فيه أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم. قال قتادة في قوله: ﴿ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التوبة: 36]: إنَّ الظلم في الأشهر الحُرُم أعظم خطيئة ووزرًا من الظلم فيما سواها. وإن كان الظُّلم على كلِّ حال عظيمًا، ولكن الله يعظِّم من أمره ما يشاء، وقال: إنَّ الله اصطفى صفايا من خلقه: اصطفى من الملائكة رسلًا، ومن الناس رسلًا، واصطفى من الكلام ذِكرَه، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر؛ فعظِّموا ما عظَّم الله؛ فإنما تُعظَّم الأمور بما عظَّمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل.
الدعاء والصيام ولكي يغتنم المسلم هذا الشهر الفضيل عليه القيام ببعض الأعمال منها: المحافظة على الدعاء عند دخوله، وقد اجتمع في أوَّله: دخول الشهر، ودخول عام جديد، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعلَّمون الدعاء كما يتعلَّمون القرآن إذا دخل الشهر أو السنة: "اللهمَّ أدخِلْه علينا بالأمن والإيمان، والسَّلامة والإسلام، وجوار من الشيطان، ورضوان من الرحمن". المحافظة على صيام شهر محرَّم قدر المستطاع؛ فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصِّيام بعد رمضان شهرُ الله المحرَّم))؛ رواه مسلم (1982). وإضافة الشَّهر إلى الله في قول النَّبي صلى الله عليه وسلم "شهر الله" إضافةُ تعظيم. فهل يسنُّ صيام كل الشهر، أم بعضه؟ قال القاري: الظاهر أنَّ المراد جميع شهر المحرَّم. ولكن ثبت أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم لم يصم شهرًا كاملًا قطُّ غير رمضان، فيُحمل هذا الحديث على الترغيب في الإكثار من الصِّيام في شهر محرم، لا صومه كله. فضل صيام عاشوراء ويستحب صيام يوم عاشوراء:وهو اليوم العاشر من محرَّم، قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((صيام يوم عاشوراء، إنِّي أحتسِب على الله أن يكفِّر السَّنةَ التي قبله))؛ رواه مسلم (1976). وهذا من عظيم فضل الله سبحانه على المسلم أنَّ ذنوب سنة تكفر بصيام يوم واحد. قال الإمام النووي رحمه الله: يكفر كل الذنوب الصغائر، وتقديره يغفر ذنوبه كلها إلا الكبائر، ثم قال: "فإن وجد ما يكفِّره من الصغائر كفَّره، وإن لم يصادف صغيرةً ولا كبيرة كُتبت به حسنات، ورُفعت له به درجات، وإن صادف كبيرة أو كبائر ولم يصادف صغائر، رجونا أن تخفف من الكبائر"؛ ينظر المجموع للنووي. ويستحب صيام تاسوعاء مع عاشوراء وهو اليوم التاسع من محرَّم؛ فقد جاء عن عبدالله بن عبَّاس رضي الله عنهما قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمَر بصيامه قالوا: يا رسول الله، إنَّه يوم تعظِّمه اليهود والنَّصارى؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صُمنا اليوم التاسع))، قال: فلم يأتِ العام المقبل حتى توفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ رواه مسلم (1916).
اقرأ أيضًا..