الاستئذان قيمة حضارية سبق بها الإسلام.. عودي أطفالك عليها
الأحد 25/أبريل/2021 - 03:45 م
الاستئذانَ من القيم الحضارية والمهمة، التي حثّ عليها الدين الإسلامي الحنيف؛ لحماية البيوت والأعراض والعلاقات، والتي تُعد سبقًا حضاريًّا، حيث سبق الإسلام إلى فن “الإتيكيت والبروتوكول” الأسري والاجتماعي محذرًا من أن عدم الاستئذان يؤدي إلى إفشاء الأسرار، والولوج إلى الحرام والعياذ بالله.
وأشار أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية إلى أن القرآن الكريم آيات محكمة لآداب الاستئذان، منها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، وأكد أننا في حاجة ماسة إلى نشر ثقافة الاستئذان في كل مناحي الحياة، وتثقيف الجميع بهذه الثقافة الإسلامية الرشيدة.
مراعاة حرمات الآخرين
وتابع: كما نبه على أن الإسلام أوجب على أتباعه مراعاة حرمات الآخرين، في النفس، والعرض، والمال، وحرَّم تتبع عورات الناس؛ حفظًا للأفراد والمجتمع والأعراض؛ لذلك أوجب الله- تعالى- الاستئذان عند دخول بيوت الآخرين، وحرَّم دخولها إذا لم يكن فيها أحد، وأوجب الرجوع إذا لم يؤذن للداخل.
وأكد "سليمان" أنه لا حرج من دخول الأماكن غير المسكونة مثل: الأسواق، قال تعالى : ” لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ”، شريطة مراعاة نظمها ولوائحها.
مراحل الاستئذان
وأشار عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية إلى أن هناك ثلاث مراحل للاستئذان، وهي: الاستئناس أي اختيار الوقت المناسب – وإلقاء التحية والسلام – والاستئذان، مبينا أنه يجب الابتعاد عن باب البيت، بحيث يقف عن يمينه أو شماله، ولا يسلط نظره عليه؛ حتى لا تقع عينه على شيء في الدار، وأن يترك لهم فرصةَ الاستِعداد لاستِقباله، فلا يطرق الباب ويدخل؛ وإنما يتريَّث حتى يَسمَع الإذن له بالدخول وإلا فليرجع فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ (رضي الله عنه) قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلِ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الأَيْمَنِ أَوِ الأَيْسَرِ، وَيَقُولُ: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمُ، السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ»،ويحرم نظر الشخص في بيت غيره إلا بإذنه، ويجب عليه إلقاء السلام والبشاشة عند الدخول وعند الانصراف، ويُسَلّمُ الصغيرُ على الكبيرِ، والماشي على القاعِد، والراكبُ على الماشي، والقليلُ على الكثيرِ، ويلزم الاستئذان عند الخروج كما علمنا النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم)).
أما الشيخ محمود الأبيدي إمام المسجد الكبير بمدينتي أن الاستئذان من مكارم الأخلاق السامية ، وأدب من آداب الإسلام الراقية ، ولايتصف به إلا النبلاء الشرفاء، وأن اختيار الأوقات المناسبة للزيارة من الآداب السامية والأخلاق الراقية التي أمرنا بها الإسلام.
اقرأ أيضًا.. فضائل وأسرار الصلاة على النبي
أوقات يمنع فيها الاستئذان
وأوضح إمام المسجد الكبير بمدينتي إلى أن هناك أوقاتاً لا يُحب الناس أن يستأذن عليهم أحد فيها؛ كالوقت المتأخر من الليل، أو الصباح الباكر جدا، أو عند الظهيرة، وقد قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْض” مشيرًا إلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) علَّمنا كيفيةَ الاستئذان وصيغته، فعَنْ رِبْعِيِّ بنِ عَامِرٍ (رضي الله عنه) أنَّ رجلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) وَهُوَ فِي بَيْتِه، فَقَالَ أَأَلِجُ؟! فَقَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) لِخَادِمِهِ: ” اخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الاِسْتِئْذَانَ، فَقُلْ لَهُ: قُلِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ” . فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) فَدَخَلَ”. فالسُّنة تقديم السلام قبل الاستئذان.
آداب الاسئذان
وأكد "الأبيدى" أن من آداب الاستئذان: غض البصر ، وعدم استقبال الباب، فيقف المستأذِن عن يمين الباب أو شماله؛ حتى لا يقع بصره على موضعٍ لا يحل له النظر إليه، أو على شيء يكره صاحب المنزل لأحدٍ رؤيته، موضحًا بأنه يحرم نظر الرجل في بيت غيره إلاَّ بإذنه؛ لأنَّ الاستئذان لم يُشرع إلاَّ من أجل البصر؛ كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : “إِنَّمَا جُعِلَ الاِسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ”، مؤكدًا أن مفهوم الاستئذان مفهوم شامل في جميع مناحي الحياة .