الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

أم عبد الرحمن الناصر.. ربّت يتيما أصبح أميرا للمؤمنين

الأحد 25/أبريل/2021 - 12:42 م
sd]m
sd]m

تواصل الدكتورة حنان مختار الواعظة بوزارة الأوقاف والحاصلة على الدكتوراه في الفقه الإسلامي تقديم حلقات "هي" للتعرف على نماذج من أبرز الشخصيات النسائية التي أثرت الأمة علميا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا، وتقدم اليوم نموذجا لأم صنعت أمة، وهي: والدة عبد الرحمن الناصر.


تقول الدكتورة حنان مختار إن الأم التي نتحدث عنها اليوم هي والدة أمير المؤمنين عبد الرحمن الناصر الذي ولى الأندلس وهي ولاية تميد بالفتن، وتشرق بالدماء، فما لبثت أن قرت له وسنت لخشيته، ثم خرج في طليعة جنده، فافتتح حصناً في غزوة واحدة.

تتابع: "ثم أمعن بعد ذلك في قلب فرنسا وتغلغل في أحشاء سويسرا، وضم أطراف إيطاليا، حتى ريض كل أولئك له، ورجف لبأسه، وبعد أن كانت قرطبة دار إمارة يذكر الخليفة العباسي على منابرها، وتمضي باسمه أحكامها، أصبحت مقر خلافة يحتكم إليها عواهل أوروبا وملوكها، ويختلف إلى معاهدها علماء الأمم وفلاسفتها، و سر هذا كله أمه التي ربته ، فقد نشأ عبد الرحمن يتيماً قتل عمه أباه، فاعتنت أمه بتربيته".

-حفيد الأمويين

وعبدالرحمن هو ابن محمد، ابن الأمير عبدالله أحد أحفاد الأمويين، خلفاء الأندلس الذين حكموا الأندلس بين عامي 136 هـ و422 هـ، ومن قبلها كانوا خلفاء الدنيا بأسرها، الذين حكموا الأقطارَ الإسلامية بين عامي 41 هـ و132 ه

اقرأ أيضا.. الواعظة الأولى بمسابقة الأوقاف تحذر السيدات من الإلحاد (حوار)


وسميُّ عبدالرحمن الداخل صقر قريش ومؤسِّس الدولة الأمويَّة في الأندلس - وهو حفيده - سمِّي به تيمُّنًا بما حقَّقه من مفاخر وإنجازات، لا تكفي الصحائف والدفاتر لسردها، وعدِّ آثارها، وقد كان لحفيده هذا نصيبٌ كبير ويمنٌ عظيم بهذا الاسم، فسطَّر هو الآخر خلالَ حياته المباركة أعمالًا عظيمة، ومآثرَ جليلة.

-سلم الأمجاد


كانت أمُّ عبدالرحمن جارية، مِلك يمين، ولم تكن حُرَّة، سُبيتْ أثناء حروب الأندلس في أوروبا، وكانت تسمَّى مزنة، فنكحها محمد وأَولَدَها عبدَالرحمن، وبهذا صارت أم ولده، وأصبحت بولادة هذا الولد حرَّة، أعتقها ولدُها.

لقد كان لأمِّ عبدالرحمن تلك عزيمةٌ لا يفلُّها الحديد، وبعزيمتها تلك استطاعت أن تصِل ولدها بسلَّم الأمجاد، وأن تسلكه في سلك العظماء، حينما ربَّتْه صغيرًا على حبِّ الجهاد، وورثته مؤهلات القيادة، وقد كان بين يديها ميراث عظيم من تاريخ آبائه وأجداده تحثُّه على تمثُّله، وتؤزُّه على الاقتداء به.

وبالفعل سار عبدالرحمن على نَهْج آبائه العظام، لا سيَّما عبدالرحمن الداخل، وحينما وَلي الخلافةَ في الأندلس - وكان ثامن حكَّامها، وأوَّل من لُقِّب بأمير المؤمنين منهم - كانت ولايته كلها جهادًا في سبيل الله، لا يملُّ الغزوَ.

واستمرَّ على ذلك مدة ولايته التي كانت خمسين سنة، ولم يَعرف خلالها طعمًا للسكون، قال عنه الذَّهبيُّ في سير أعلام النبلاء: "لم يزل عبدالرحمن يَغزو حتى أقام العِوَج، ومهَّد البلاد، ووضَع العدل، وكثر الأمنُ، ولم تزل كلمته نافذة".


ads