سكينة فؤاد تكتب: زغاريد السفن والأزمات الكاشفة عن الذهب
الإثنين 05/أبريل/2021 - 04:30 م
صافرات السفن بدت وكأنها زغاريد فرحة بنجاح المصريين فى إعادة فتح قناتهم ليواصلوا رحلاتهم وليؤكد انتظارهم أنهم يعرفون أنه لا يوجد مجرى مائى ممكن أن ينافس أهمية ومميزات العبور فى قناة السويس وليسكتوا الأصوات الناعقة بوجود بديل لها... وروعة المشهد العبقرى لعبور الدنيا بسفنها من خلال أطول مجرى مائى يربط بين الشرق والغرب تؤمنه وتديره مصر لا يعرف معناه وروعته مثل أجيالنا التى ولدت وتربت على ضفاف القناة وعرفت وورثت من آبائها وأجدادها ميراث العزة والكرامة والغضب الوطنى من خلال ما عرفوا وسمعوا عن تاريخ حفر قناتهم واستشهاد اكثر من 120 ألفا من عمال وفلاحى مصر فى حفرها ومحاولات الدول الاستعمارية لمد الهيمنة والامتياز عليها إلى الأبد أو تدويل إدارتها ووقوف سفنهم عند مدخليها على البحرين الابيض والأحمر لجمع رسوم عبورها وشن العدوان الثلاثى 1956 لإعادة الاستيلاء عليها بعد تأميم الرئيس عبدالناصر لها ولإعادة احتلال مصر...
ولما فشلت جميع محاولاتهم الآثمة أرادوا أن يدمغوا ويلصقوا تاريخهم الاستعمارى للأبد بها بإعادة وضع تمثال ديليسبس على مدخلها فى بورسعيد ليدمغوا المصريين كلهم بالجهل والاستهانة بتاريخهم الوطنى عندما يقبلون أن يوضع على مدخل قناتهم تمثال يمجد من أدار اكبر عمليات السخرة التى شهدها التاريخ فى حفر القناة... وخيانة الدماء الشهيدة الذكية التى جرت فى مجرى القناة آثناء حفرها قبل أن تجرى مياه البحرين فيها ثم من انضم اليهم من شهداء المقاومة الباسلة الآلاف من ابناء بورسعيد أثناء مقاومة وهزيمة العدوان الثلاثى والتى حفروها لخدمة أطماعهم الاستعمارية فى الشرق... لكن أرادها الخالق خيرا لأبنائها.
والى تذكر التاريخ الوطنى للدفاع عن قناتنا وعدم السماح بتضليل وخداع الضمير الوطنى وحماية وعى الأجيال من تمجيد التاريخ الاستعمارى الأسود الذى كللته الاستجابة الوطنية المشكورة بوضع التمثال فى متحف قناة السويس بالإسماعيلية انضم إلى هذا التاريخ المجيد والقرارات الوطنية الحامية للسيادة الوطنية الأسبوع الماضى كل من شاركوا فى إعادة الملاحة وتعويم السفينة التى استعرضت وسدت مجرى الملاحة وعطلتها 6 أيام كاشفة للعالم مايعرفه جيدا من ميزات لقناة السويس لا يستطيع أن ينافسها فيها مجرى مائى آخر ـ وقاطعين لألسنة وأبواق الكراهية والحقد التى يطلقونها على ما يمتلىء به هذا الوطن من كنوز وخيرات طبيعية وبشرية حباه الخالق عز وجل بها وتنتظر المزيد من الاستثمار الوطنى والكفاءة فى إدارتها...
وكالمعتاد وكما يحدث دائما فى كل ما تواجه مصر من أزمات تتحول بها المحن والتحديات والأخطار إلى مقاييس كاشفة تفرز وتفرق بين المنتمين الى بلادهم بعروق ووشائج وروابط وثيقة من الانتماء والحب والعشق الوطنى يتجلى فى مثل هذه اللحظات والاوقات المأزومة وتجعلهم يتحدون ويقفون صفا واحدا لشد ظهرها ومنع انكسارها وعما تكشفه مثل هذه الأزمات أيضا من غير المنتمين الذين يطلقون ما تمتلئ به نفوسهم من شحنات كراهية وخزين أسود كأنهم ينتظرون الأزمات لإطلاقها. نعم أصبحت الاحداث الوطنية بما يحيط بها من ملايين محبة وراغبة فى تقديم كل ما يفتدى بلدها وحل ازماتها وبين من يريدون ان يحترق كل أخضر على أرضها... كاشفة... وتفرز وتفرق بين الأمناء على بلادهم وبين الخبثاء حقدا وكراهية وتهليلا لأزماتها... ولهم أقدم بعض ما كتبته صحف أجنبية سعادة وتقديرا لفتح مصر لقناتها ــ أمدتنى به الكاتبة الصديقة انتصار بدوى.
لقد كانت نقطة تحول فى واحدة من اكبر عمليات الإنقاذ فى التاريخ الحديث «نيويورك تايمز» ـ بينما قالت سى ان ان: إن المصريين نفذوا وعدهم بتحرير المجرى الملاحى الأهم فى العالم خلال ساعات وقالت لوموند الفرنسية: المجرى الملاحى الأكثر أهمية فى العالم فى أيد كفء وأمينة وقالت ال بى . بى . سى: القاهرة انقذت العالم من صدمة تجارة دولية. وقالت الاندبندنت: مصر سابقت الزمن لإنهاء أزمة السفينة الجانحة. وقالت الفاينانشال تايمز: تعويم السفينة الجانحة أدى لتراجع أسعار النفط .
ستظل مصر بأذن الله قادرة على صناعة معجزاتها بأيدى أبنائها وستظل أزماتها ميزانا كاشفا وفاصلا بين أرصدتها من الذهب البشرى وبين الصفيح والصدأ والعكارة البشرية وستظل قوة مصر تتحقق بالحفاظ على أرصدتها الشعبية وتوفير عوامل اطمئنانها وثقتها وحل مشكلاتها لتطلق مخزونها العظيم من قدرات ومعجزات وإبداع .
ولعل أجدادنا من الملكات والملوك العظام الذين نقلوا أمس فى موكب ملكى مهيب إلى متحف الحضارة بالفسطاط تكون أرواحهم كما سعدت باحتفاء مصر شعبيا ورسميا بما يليق بهم قد سعدت أيضا بأن أحفادهم مازالوا يواصلون الإبداع ومازالوا يواصلون إدهاش الدنيا وإنهم لا يكتفون بالمباهاة بأمجاد وحضارة أجدادهم ويحاولون أن يضيفوا إليها انتصارات وإبداعات جديدة ويقطعون بها ألسنة من أرادوا أن ينفوا عن المصريين انتماءهم إلى الحضارة المصرية القديمة.
وبمناسبة قرب حلول شهر رمضان أعاده الله على الأمة بكل خير وبمناسبة كتابات متواصلة عن احترام والاستجابة لأرصدة قوة هذا الوطن ومن بينهم أعضاء نقابات كالاجتماعيين والتجاريين والمعلمين ونداءات متواصلة منهم طلبا لدفعات متأخرة من معاشات سنوات سابقة فى وقت يعانى فيه أعضاء النقابات من أرباب المعاشات فى السنوات الأخيرة من أعمارهم ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة وقد تواصلت مع نقيب المعلمين الذى أبلغنى ان الاستجابة لمطالب ارباب المعاشات تنتظر تعديلات قانونية معروضة على مجلس النواب وعرفت ان المعروض على النواب منذ المجلس السابق تعديلات لرفع معاشات من مازالوا يعملون من المعلمين بزيادة نسب الخصم من مرتباتهم وهو أمر لا ينطبق على من انتهى عملهم ويتقاضون معاشات بالغة التواضع رغم كل ما حاولته الدولة من إصلاحات ونأمل ان تعتبر النقابات صرف هذه الحقوق التى تأخر صرفها فى مقدمة مظاهر الاحتفاء والاحتفال بشهر رمضان الكريم خاصة ان الدولة وإدراكا للأوضاع الاقتصادية الصعبة التى احتملها المواطنون أعلنت الأسبوع الماضى صرف العلاوة الدورية لجميع العاملين.
-------------
الأهرام