القصة الكاملة لمتحرش المعادي مع «طفلة المناديل».. فضحته دقيقة فيديو تحت «بير السلم».. والأمن يضبطه مختبئًا في شقة
الثلاثاء 09/مارس/2021 - 06:01 م
عزة ذكي
كانت الطفلة تسير بخطوات بطيئة، تمسك في يديها «أكياس المناديل»، تبيعها في إشارة حي المعادي الراقي، إلى أن استدرجها شخصًا لمدخل عمارة، وتحرش بها، في واقعة اهتزت لها الأبدان، وكانت كاميرات المراقبة، هي الفاضح للمتحرش، إذ رصدت الواقعة في مقطع فيديو لمدة دقيقة واحدة.
بينما كانت تجلس أنجي أسامة، سكرتيرة بمعمل تحاليل، على مكتبها، حتى لاحظت رجلًا يتحرش بطفلة صغيرة، « تحت بير السلم»، لتنتفض إنجي مسرعة إليه، لتهرب الطفلة وتنهر المتحرش لثوان معدودة، ثم يخرج مسرعًا، للخارج، لتقرر إنجي نشر بوست على صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي« فيس بوك»، متبوعًا بالفيديو التي يوثق الواقعة، مطالبة الجميع بـ« فضح المتحرش».
من هنا بدأ فصل جديد من فصول القصة، حيث رصدت وزارة الداخلية الفيديو المنتشر على السوشيال ميديا والذي أحدث رواجًا كبيرًا خلال ساعات قليلة، وانتفضت كافة أجهزة الدولة مُجرمة تلك الجريمة، حيث تمكنت الشرطة من القبض عليه وتبين انه «محمد.ج»، يعمل في إحدى الشركات بإحدى الدول العربية.
لاقت القصة تفاعلًا واسعًا من كافة أجهزة الدولة، وعلى رأسها دار الإفتاء المصرية، التي دشنت هاشتاجًا تحت عنوان: #المتحرش_بالأطفال_مجرم، وقالت الدار إن التحرُّش الجنسي بالأطفال كبيرة من كبائر الذنوب تنأى عنها كل الفطر السوية، وانتهاك صارخ للقيم الإنسانية في المجتمع، فهو قتل للطفولة، وانتهاك للبراءة، وفعلًا فاحشًا- غدر وخيانة.
وأضافت الدار، في هاشتاج تحت عنوان:#المتحرش_بالأطفال_مجرم: «على أولي الأمر أن يتصدوا لهذه الجريمة النكراء بكل حزم وحسم، وأن يأخذوا بقوة على يد كل من تُسَوِّل له نفسُه تلويثُ المجتمع بهذا الفعل المشين».
الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية
والتحرش قبل أن تكون جريمة يعاقب عليها القانون، حرمها الدين الإسلامي، وهو ما أكده الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، ردًا على سؤال: "ما حكم الدين في التحرُّش الجنسي بالأطفال؟، قائلًا: "حرص الإسلام كلَّ الحرص على المحافظة على كرامة الإنسان وعِرضه، وجعل ذلك من المقاصد الكلية العُليا التي جاءت الشريعة بتحقيقها، وهي: (حفظ النفس، والعرض، والعقل، والمال، والدين)، وهي مقاصد جاءت بالمحافظة عليها كل الشرائع السماوية".
وأضاف المفتي: دلَّت الآيات والأحاديث على قدر الحرمات في الشرع، وعلى عظم جريمة من ينتهكها؛ فقد أخرج الإمام البخاري في "صحيحه" عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطب الناس يوم النحر فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا»، قالوا: يوم حرام، قال: «فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا»، قالوا: بلد حرام، قال: «فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا»، قالوا: شهر حرام.
قال: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا»، فأعادها مرارًا، ثم رفع رأسه فقال: «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ»، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فو الذي نفسي بيده، إنها لوصيته إلى أمَّتِه: «فليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارًا، يضرب بعضكم رقاب بعض». ومن صور انتهاك الأعراض جريمة "التحرش".
وتابع علام: أصل الحَرْش في اللغة، هو التهييج والإفساد والخدش والإغراء، ويُطلَق التحرُّش عرفًا على الأفعال والأقوال ذات الطَّابع الجنسي التي يُتَعرَّض بها للغير، أو تقديم مفاتحات جنسيٌة مهينة ومنحطٌة بُغْية الإثارة".
وعن مفهوم التحرُّش الجنسي بالأطفال، قال مفتي الديار: هو جعل الطفل محلًّا لوقوع أفعال وسلوكيات جنسيَّة عن طريق التلامس، أو غيره من الحواس كالسمع والبصر، وسواءٌ أكان يفهمها أو يعيها، أو لا، ويشمل التحرُّش الألعاب الجنسية، والاتصال الجنسي الذي يتضمن المداعبة بكافة أشكالها، إضافة لتعريض الطفل للمشاهد الإباحية، أو وضعه فيها، أو استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغٍ أو مراهقٍ.
واستكمل: السنُّ الفاصل المعتبر لدى غالبية دول العالم هو 18 سنة؛ فكل شخص تحت سن الثامنة عشر يعد طفلًا بالنسبة إلى هذه الأحكام، ولا تناقض بين ذلك وبين إلزامه بالتكاليف الشَّرعيَّة بمجرد البلوغ، وذلك لاختلاف مناط الحكم.
أوضح، أنّ الشريعة اهتمت بالطفل وهو جنين في بطن أمِّه حتى بلوغه، حيث منحته حقوقًا متعددة، وشرعت له من الأحكام ما يكفل استمراره وبقاءَه واستمرار نموه، وقررت عقوبات على من يعتدي عليه.
ومن ضمن حقوق الطفل: "حسن المعاملة والرأفة والرفق به ورعايته وحمايته، واتِّباع الطريقة المثلى في تربيته وتأديبه وتوجيهه"، بل إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد عدَّ إهمال القائم على الصغير من أكبر الإثم فقال: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» رواه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وهو في "صحيح مسلم" بلفظ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ».
وقال مفتي الديار: لا شك أنَّ التَّحرُّش الجنسيَّ بالطِّفل قد يدمِّره نفسيًّا، ويخرجه إلى المجتمع شخصًا مشوَّهًا يحمل في قلبه العداوة لمن حوله، وقد ينظر إلى كلِّ أفراد المجتمع على أنهم نفس الشخص الذي اعتدى عليه، وربما أدَّى ذلك بكثيرٍ من الفتيات إلى رفض الزَّواج بسبب حادثةِ تحرُّشٍ حدثت لها في صغرها.
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
وانتقلت النيابة لمعاينة المكان، الذي حدث به الجريمة، بينما ستستدعي الطفلة لسماع أقوالها، فيما جرم المجلس القومي للمرأة، تلك الأفعال، ووصفت الدكتورة مايا مرسي، رئيس المجلس القومي للمرأة، المتحرش بأن الله سبحانه وتعالى رفع ستره عنه « ربنا رفع ستره عنه وهينال عقابه».
لم تنته فصول الجريمة التي هزت المجتمع، بل لاقت تفاعلأً من فنانين ورجال دين وسياسة، وعلى رأسهم شيخ الأزهر،
حيث أكد مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، برئاسة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في جلسته اليوم الثلاثاء بمقر مشيخة الأزهر، أن التحرش بالأطفال سلوك منحرف محرم، تأباه النفوس السوية، وتجرمه الشرائع والقوانين كافة، وذلك بعد واقعة متحرش المعادى
وشدد شيخ الأزهر على أن هذا السُّعَار المحموم والمذموم الذي بات ينتشرُ واقعيًّا وافتراضيًّا، يستوجب أشد العقوبات الرادعة، وتجريمه يجب أن يكون مطلقًا ومجردًا من أي شرط أو سياق.
ظاهرة كريهة
أشار المجمع إلى أن التحرش بالأطفال ظاهرة كريهة منافية للإنسانية والسَّلام والمروءةِ وكمالِ الرجولةِ، مهيبًا بالمجتمع تشديد الرقابة على المتحرشين والإبلاغ عنهم، وتوعية الأطفال بأفعالهم الإجرامية، ورفع الوعي بجريمة التحرش كسلوك مشين يستوجب مواجهته بشكل صارم، ومنها متحرش المعادى.
وطالب بمواجهة هذه الظاهرة من خلال المناهج الدراسية وتناوله في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وأماكن تواجد الأطفال بطريقة تناسب طبيعة المرحلة العمرية للطفل.
وطالب المجلس القومي للأمومة والطفولة بتوقيع أقصى عقوبة على المتحرش، مؤكدًا انه سيقدم الدعم النفسي للطفلة المُتحرش بها.
وكانت أجهزة الأمن بالقاهرة، قد تمكنت من إلقاء القبض على محمد جودت المتهم بالتحرش بطفلة المعادي، وتبين اختفاءه في إحدى الشقق محاولًا التخفي، وجرى التحفظ عليه، وأخطرت النيابة التي باشرت التحقيق.
وكشفت التحقيقات الأولية، التي تجريها جهات التحقيق والأجهزة الأمنية، أن الطفلة التي تعدى عليها أحد الأشخاص داخل مدخل عمارة بمنطقة المعادي بائعة مناديل وكانت متواجدة في الشارع.