السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

نهى شكري تكتب: عودة الروح

الأربعاء 20/يناير/2021 - 05:18 ص
هير نيوز


ضجيج وبهرجة في المكان، بينما قلبي صامت وحائر، لايستطيع أن يثأر أو يثور.. اليوم عقد قران حبيبتي.. أجل حبيبتي، فأنا من تركها ترحل مِن بين يديَّ، فتسربت من داخل قلبي، وعيني.

حضرت تتويج حبيبتي كـ ملكة على غيري، ولكنني لم أستطع استكمال المشهد، والبقاء في حفلة عقد القران، فقد تأكدت حينها أن حبيبتي قد رحلت عني دون عودة.

نزلت على السلم مسرعًا، وأخذت أركض في الشارع كالمجنون.. أجل هربت، ولكن إلى أين؟! لا أعرف!! تركت قدميَّ تسوقاني إلى حيث تريد، فلم أعد أشعر بشيء، فجسدي كقطعة من الثلج، وعينايَّ تنهمر منها الدموع كالفيضان.

أشعر برجفة، وبألم شديد في صدري.. وصلت إلى منزلي، وصعدت الدرج، وخيبتي تسبقني، ثم دخلت غرفتي.. كانت مظلمة ظلامًا حالكًا، مثل قلبي تمامًا.. ارتميت على المقعد، فسقطت من بين يديَّ مفاتيح المنزل، وهاتفي.

لم أبالِ بشيء، سوى قلبي الذي كان يعتصره الألم، وهو يصرخ صرخة صامتة.. فأنا من فعل ذلك بنفسه.. إن حبيبتي النور الذي اهتدي به في حياتي، ولكنني لم أدرك أنها نعمة من الله.. لقد أحببت نفسي أكثر منها.. كنت أنانيًّا لا أرى سوى ذاتي، حتى ضاعت مني بلا رجعة ! نعم ضاعت .. ورغم حبي لها، لكنني لم أعبر لها يومًا عن ذلك الحب الذي يعتصر الفؤاد، وحتى عندما كانت تلح في سؤالي، في كثير من الأوقات : أتحبني حقًا ؟ كنت أستهزئ بسؤالها، بل كنت أشعر بالملل من كثرة اتصالها بي!

كثيرًا ما كنت أتعجب كيف تشعر بألمي قبل أن أحكي لها، وكيف تشعر بفرحي دون أن تراني؟!، لكنني كنت أقابل تلك المشاعر الفياضة بالقسوة، دون أن أدرك أنني أحرمها من أهم شيء لها، وهو حبها لي.. لقد كانت تعطي وتضحي بكل شيء وأنا لم أقدم لها أي شيء، ورغم قسوتي ولكنها ظلت تحبني، بل وتتفنن في إسعادي. 

إنها ملاكي الحارس الذي فقدته الآن.. لقد أضعت حبها وعطاءها وخوفها عليّ.. كم أتمنى أن أضمها إلى صدري، وأخبرها كم هي كل حياتي: 
آه ثم آه يا حبيبتي لو أخبرتكِ كم أحبك.. هل ستعودين؟
لو أخبرتكِ أنني أخطأت في حقكِ وحبكِ.. هل ستعودين؟
لو أخبرتكِ أنني مشتاق لحبكِ وحضنكِ.. هل ستعودين؟

يؤلمني قلبي، وأتنفس بصعوبة بالغة، وأسأل قلبي: أذهبتِ معه لمنزله؟! هل ستحبيه مثلي؟! وماذا عنه، هل سيحبُّكِ، ويحسن معاملتكِ، أم يقسو عليكِ مثلي؟

وفجأة.. سمعت طرقًا على الباب، لكنني تجمدت.. لم أهتم، فمهما كان الطارق، لن يكون له قيمة لديّ بعد أن رحلت عني حبيبتي، وتركتني وحيدًا .. شاردًا.. بعدها لا أريد رؤية أحد، ولا أريد أن يراني أحد! 

تعالت أصوات الطرق على الباب، وأنا مازلت متسمرًا في مكاني، بل شعرت، وكأنني أصبت بشللٍ!! استمر الطرق بشدة وقوة، وأنا أسأل نفسي: يا ترى من سيهتم بي، كي يطرق على الباب بهذا الإلحاح والإصرار والثبات، فبعد حبيبتي لا أحد لي، ولن يكون..!!

لم ييأس الطارق، واستمر الطرق على الباب، فصرخت: أيها الطارق.. أيًّا من تكون.. إرحل، فلن أفتح الباب.. لن أستطيع أن أقدم لك أي شيء .. أنا شخص غليظ القلب.. آخذ فقط ما أريد ثم أتركك ترحل..! أيًا ما كنت.. إرحل، فأنا سأقوم بكسر قلبك، وروحك.. أنا شخص قاسي، وفاشل.. إرحل.

لكن الطرق يعلو، ويعلو، فالطارق لديه إصرار عجيب على أن يراني.. قمت مسرعًا من مكاني، يتملكني الغضب، وقررت أن أضربه، كما لو كان هو السبب في رحيل حبيبتي!!

توجهت إلى الباب، وأنا مبعثر المشاعر.. بخطى مرتعشة، وفتحت الباب بغضب، وما أن هممت بتفريغ ثورتي، حتى لمعت عيناي، وأغرورقت بالدموع.. لقد ردت إليَّ روحي: إنها حبيبتي.. أجل حبيبتي أمامي.. تبكي بحرارة، وترتمي في حضني، وهي تهمس لي برقة: حبيبي لم أستطع البعد عنك.. لترد لي الحياة مرة أخرى.

ads