دراسة: النساء ينفقن 250 مليار دولار على "الوهم الكاذب"
الجمعة 25/ديسمبر/2020 - 12:58 م
شريف حمادة
أصبح الاهتمام بجمال المرأة تجارة رائجة تسعى الشركات العالمية على تحقيق أعلى مكاسب منها، لدرجة أن قيمة مستحضرات التجميل بمختلف أنواعها في الأسواق تقدر حاليًا بحوالي 250 مليار دولار سنويا، وتتمثل المستحضرات فى منتجات لتفتيح البشرة، وأخرى لتحويلها إلى برونية، ومستحضرات كثيرة أخرى لتحقيق رغبات النساء اللائي يسعين دائمًا لإظهار جمالهن.
وكشفت دراسة أجراها معهد أبحاث السوق بأوروبا، أن النساء ينفقن الكثير على جمالها، حيث وصل حجم تجارة منتجات تبييض البشرة على مستوى العالم لرقم قياسي في العام الماضي، حيث بلغت قيمتها 4.4 مليارات دولار، وعلى الرغم من انخفاضها في العام الحالي بسبب جائحة كورونا، فإنه من المتوقع أن تنمو هذه التجارة لتصل إلى 8.7 مليار دولار بحلول عام 2027.
وأكدت الدراسة أن المظهر الجسدي للمرأة، يلعب دورًا متزايدًا في تحقيق النجاح الاجتماعي في المجتمعات الاستهلاكية وبخاصة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فقد كشفت صحيفة "تاجستسايتونج" اليسارية الألمانية في نهاية الشهر الماضي، أن المبيعات السنوية لكريمات تفتيح البشرة في الهند وحدها تقدر بـ 450 مليون دولار سنويًا.
على جانب آخر، حذرت ريتا ستينز، الخبيرة الألمانية في مستحضرات التجميل من مخاطر مستحضرات تبييض البشرة، ونبهت بشكل خاص إلى المخاطر المرتبطة بوجود عدد من المواد الفعالة والتي يجب التأكد من عدم وجودها في مستحضرات التجميل قبل استخدامها، مثل مادة أربوتين، التي يحذر منها "المعهد الألماني لتقييم المخاطر" منذ عام 2013 ويصنفها بشكل لا يقبل الشك على أنها "ضارة بالصحة"، وذلك لأن هذه المادة يمكن أن تحفز إفراز الهيدروكينون، وهو مركب عضوي عطري ونوع من الفينول مشتق من البنزين، وكان يستعمل على نطاق واسع موضعيًا على الجلد للحد من زيادة التلون في البشرة ومعالجة مشاكل التصبغات الجلدية.
وأضافت الخبيرة الألمانية أن مادة الهيدروكينون قد تم منعها في الاتحاد الأوروبي عام 2006، كما ألغت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية موافقة سابقة لاستخدام هذه المادة، وتم حظر استعمالها في كل الأدوية، وهناك تكهنات أيضًا بشأن تداعياتها المسرطنة المحتملة، فبالإضافة إلى إحمرار البشرة وظهور حروق فيها، هناك مخاطر الحساسية المتزايدة للجلد تجاه الضوء، إضافة إلى فقدان الحماية الطبيعية للبشرة من خلال إزالة التصبغ، ما يزيد مخاطر الإصابة بالسرطان.
وأشارت الخبيرة الألمانية إلى أن حمض الكوجيك يعد من المواد الضارة التي تستعمل بكثافة في مستحضرات تبييض البشرة، لافتةً إلى أن الخبراء حذروا، في وقت سابق، من المنتجات التي تحتوي على جرعة عالية منه، كذلك حمض الساليسيليك الذي يستعمل في مستحضرات تقشير البشرة، والذي يمكن أن تكون له تأثيرات سلبية.
وترى ريتا ستينز، أن حصيلة مواد تبييض البشرة ليست إيجابية، فهي إما ضارة بالصحة أو غير فعالة نهائيا، ففي عام 2009، توصلت مؤسسة "فارِنتيست" الألمانية التي تدافع عن حقوق المستهلكين وتقوم باختبار كل المنتوجات المعروضة في الأسواق، إلى نتائج مفادها أن فعالية كريمات إزالة البقع الجلدية الداكنة شبه منعدمة، كما أن تأثير تلك الكريمات يكون ظرفيًا ومؤقتًا ويضطر المستهلكون استخدامها مدى الحياة.
وقالت ريتا ستينز، إنه من الثابت علميًا أنه لا توجد مستحضرات تجميل قادرة على تبييض البشرة بشكل دائم وكامل، وفي أحسن الأحول هناك تأثير طفيف ومؤقت، إلا أن الشركات المنتجة تربح من خلال بيع الوهم الكاذب، والطريقة الوحيدة لتبييض البشرة هو وقف إنتاج مادة الميلانين في الجسم وهذا ما ليس في متناول الكريمات المتداولة في السوق.
يذكر أن هناك حركات عالمية ومؤسسات سياسية بدأت بالتحرك لمواجهة هذه الظاهرة، ففي الهند، وقدمت الحكومة بداية العام الجاري مشروع قانون يُجرم، الدعاية لمواد تبييض البشرة، لكن القانون لم ير النور حتى الآن لأسباب غير معروفة.
كما وقفت حركة "حياة السود مهمة" (Black Lives Matter) في الولايات المتحدة الأمريكية التي نشطت خلال الشهور الماضية وراء انتقاد أنماط معايير الجمال السائدة المرتبطة بلون البشرة.
وبعد زيادة الهجوم على الشركات المنتجة قامت كبريات شركات مستحضرات التجميل بسحب جزء من منتجات تفتيح البشرة من السوق، وقامت بتغيير أسمائها، للحفاظ على الأرباح، غير أن تلك الخطوة لم تقنع تمامًا الناشطين المناهضين للعنصرية.