السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

د. نيفين مسعد تكتب: القضية الفلسطينية وآفاق المستقبل

السبت 12/يونيو/2021 - 11:50 ص
د. نيفين مسعد تكتب
د. نيفين مسعد تكتب

عقدَت منظمة كيميت بطرس غالى للسلام والمعرفة ندوة إلكترونية عن طريق الوبينار يوم الخميس ٣يونيو الحالى وذلك تحت عنوان «آفاق المستقبل للقضية الفلسطينية بعد الأحداث الأخيرة « . أدارت الندوة السفيرة ليلى بهاء الدين المديرة التنفيذية للمؤسسة، وافتتحها بكلمة ضافية السيد ممدوح عباس رئيس مجلس أمناء المؤسسة، أما المنصة فضمت من مصر الوزيرين عمرو موسى ونبيل فهمي، ومن فلسطين السفير نبيل عمرو ، ومن لبنان الوزير ناصيف حتّي، وشارك فى النقاش عدد معتبر من المعنيين بالقضايا العربية عامة والقضية الفلسطينية خاصة، وعلى رأسهم سفير تونس بالقاهرة. وناقشت الندوة العديد من الأفكار للتعامل مع المرحلة المقبلة، ويمكن بلورتها فى ثلاثة محاور، استثمار الظرف الراهن وعدم تهريب الإنجازات ، والانتقال من إدارة النزاع إلى إدارة الاحتلال، وأخيرًا الدور المصري.

بدايةً باستثمار الظرف الراهن فقد استفاض فى التأكيد عليه الوزير عمرو موسى ودعا لصدور توصية عن الندوة بهذا الشأن. والمقصود بالظرف الراهن التطورات على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. إسرائيليًا تحدث عمرو موسى عن أن هناك مرحلة مقبلة من عدم الاستقرار السياسى الداخلى سواء حصلت الحكومة الجديدة على ثقة الكنيست غدًا الأحد، أو لم تحصل عليها لأن أعضاءها -كما قال موسى بحق- لم يجتمعوا إلا على هدف واحد هو إبعاد نتنياهو، وبذلك نكون على مشارف انتخابات خامسة. لكن بفرض أن الحكومة حصلت على الثقة فإنها لن تستمر طويلًا، لأن أى توسع فى سياسة الاستيطان سيُحرج الوزراء العرب وقد يدفع بهم إلى الاستقالة، كما أن أى تراجع عن سياسة نتنياهو سيؤدى للمزايدة على اليمين المتطرف داخل الحكومة.

هذا الوضع القلِق عبّر عنه السفير نبيل عمرو بدقة حين قال إن الطبقة السياسية فى إسرائيل لا تقود الأزمة بل إن الأزمة هى التى تقودها.

أما فلسطينيًا فلقد أكدَت التطورات الأخيرة وحدة الانتماء الفلسطيني العام للقضية، وأثبتَت قدرة الشعب الفلسطينى على حماية نفسه، واستخدم السيد ممدوح عباس مصطلح أن الدم المراق على مدار أحد عشر يومًا كان دمًا فلسطينيًا وليس مجيّرًا لصالح فصيل بذاته، ولا يقل أهمية عن الأثرين السابقين عودة الاهتمام الأمريكى بالقضية الفلسطينية والتغيّر الملموس فى مواقف الرأى العام العالمى حيالها، وهذا يبشّر بما قاله الوزير عمرو موسى بخصوص انتقال القضية الفلسطينية من صدارة الاهتمام الدولى بشكل مؤقت إلى الصدارة فيه بشكل غير مؤقت.

الفكرة الثانية هي الانتقال من إدارة النزاع إلى إدارة الاحتلال كما ذكر الوزير ناصيف حتّي، وهناك اختلاف بين الإدارتين، فإدارة الاحتلال تتطلب تجديد التأكيد على جوهر القضية كقضية احتلال استيطاني عنصري لأرض عربية وما يستتبع ذلك من ضرورة إنهاء هذا الاحتلال، أما إدارة النزاع فإنها تتعلق بالتعامل مع تداعيات جولات العدوان الإسرائيلى على غزة كقضية إعادة الإعمار مثلًا، بقول آخر فإن إدارة الاحتلال تتعامل مع المدى المتوسط والبعيد أما إدارة النزاع فإنها تختص بالمدى القريب.

نقطة تنشيط الذاكرة الدولية فيما يخص أصل القضية اتفق معها الوزير نبيل فهمى على اعتبار أن ذلك يهيئ المناخ لعملية التسوية، واقترح لذلك محاولة إعادة إصدار قرارات قصيرة ومباشرة من كلٍ من مجلس الأمن والجمعية العامة تؤكد على العودة لحدود ١٩٦٧ وعلى حل الدولتين، وتنشيط انضمام فلسطين للمنظمات الدولية وكَشف انتهاكات إسرائيل كدولة احتلال لالتزاماتها الدولية. لكن التحرك الدولى تلزمه وحدة الموقف الفلسطيني.

الفكرة الثالثة تتعلق بما ذكره جميع المتحدثين عن أهمية استثمار التفويض الدولى والعربى لمصر فى التعامل مع الوضع فى غزة، وميّز الوزير عمرو موسى بين التفويض الخارجي لهذا الغرض المحدد والدور الذى تلعبه مصر انطلاقًا من التزامها بالأمن القومى العربى وفِى إطاره المصالح المصرية، أى نفس العلاقة التى سبقت الإشارة إليها بين التحرك قصير المدى والدور متوسط وطويل المدى، وكان السفير نبيل عمرو هو الأكثر تعويلًا على الدور المصرى على هذه الأمدية كافةً.

والواقع أن علاقة مصر بالقضية الفلسطينية لا تحتاج إثباتًا، لكن فى الوقت نفسه فإن الدور المصرى لا يتحرك فى فراغ، وبالتالى فرغم أن مصر قامت بجهد كبير للتمهيد للحوار بين الفصائل الفلسطينية، فإن تأجيل الحوار الذى كان مقررًا أن يبدأ اليوم معناه أن تلك الفصائل مازالت غير مدركة أهمية استثمار اللحظة التاريخية التى تحدث عنها الوزير عمرو موسى، مشددا على أنه لا بديل عن الانتخابات وتكوين حكومة وحدة وطنية.

من جهة أخرى فإنه مع ما قيل من الجميع عن التفويض العربى لمصر فإن الجميع أيضًا تشكك فى مخرجات اجتماع وزراء الخارجية العرب المرتقب فى الدوحة، وكما قال الوزير ناصيف حتّى توجد «شيزوفرينيا عربية» بمعنى أن هناك من يخاف حتى من التعاطف مع الشعب الفلسطيني.

وما أريد قوله هو إن مصر لا تتخلى عن التحرك/الدور تجاه غزة والتسوية السياسية للقضية الفلسطينية لكن المطلوب فلسطينيًا وعربيًا التعاون معها. لقد كانت الندوة ثرية بقدر ثراء تجارب المتحدثين فيها، وليت أن أفكارها تصل إلى دوائر صنع القرار وتلقى منهم آذانًا صاغية.

ads