لحظات حرجة في حياة شيرين.. صيدلانية بدرجة محارب لفيروس كورونا
تاركة أهلها لا تعلم متى ستعود إليهم لتقاتل وباء شرسا اجتاح العالم، إنها شيرين الزوجة والأم، التي لم تنس أنها وقبل كل ذلك عليها واجب تجاه المجتمع والوطن، باعتبارها صيدلانية تابعة للجيش الأبيض الذي يحارب فيروس كورونا المستجد اللعين.
شيرين لديها ابنتين، عمر الأولى 6 سنوات، والأخرى 4 سنوات، قررت بعد أن أنهت دراستها بكلية الصيدلة أن تلتحق بدبلومة مكافحة العدوى، ولم تكن تعلم أن هذه الدراسة ستكون وسيلتها لإنقاذ العديد من الناس الذين أصيبوا بالوباء ووسيلتها أيضا لحماية الفريق الطبي.
تقول شيرين إنها أحبت مجال مكافحة العدوى بسبب الدكتور عبد الجابر، وهو رئيس مكافحة العدوى السابق.
من داخل العزل
تبدأ شيرين قصتها بالقول "كنت أعمل بمستشفى الصدر في البداية، وتم تجهيزها ووضعنا خطة لتحويلها من مستشفى يستقبل الحالات المعتادة لمستشفى للعزل، وبدأنا التدريب على كيفية إرتداء الملابس الوقائية وأماكن خلعها، العمل بمستشفى الصدر لا يتطلب المبيت، فكنت أعزل نفسي عن بناتي، عند العودة للمنزل".
وتتابع "ثم
تم تكليفي للعمل بمستشفى أبو تيج للعزل وسيكون هناك مبيت بالمستشفى فلم أتردد لأن
في كل الأحوال أنا معزولة عن بناتي، واستقبلنا يوم 8 أبريل أول حالة، كنت ومن معي
بفريق مكافحة العدوى لا نستطيع النوم، وبدأنا تدريب أول فريق طبي من جامعة أسيوط
سواء ( أطباء - صيادلة - تمريض - عمال – إداريين )، فريق العزل كان مكون
من 50 تمريض و 47 طبيب من تخصصات مختلفة وغيرهم".
لحظات حرجة
ليس هناك لحظة أصعب من مواجهة الموت كحقيقة مجسدة أمامك في شخص آخر أو البعد عن أغلى ما في حياة أي شخص وهم أطفالك، والشعور بأن في أي لحظة من الممكن أن تكون سببا في إلحاق أذى بهم، تخبرنا شيرين عن تلك اللحظات قائلة: " كان هناك حالة حرجة جدا لسيدة ولم يكن هناك أحد مدرب على تغسيل الموتى، فإضطررنا للتدريب على التغسيل وكيفية التعامل مع الجثث كوقاية لنا حتى لا نتعرض لخطر العدوى، وفي الوقت نفسه نأدي واجبنا الديني، فاستعنت بزوجة عمي وهي دكتورة بجامعة الأزهر، وشرحت لي كيفية تغسيل المتوفي.
وتصف هذه اللحظة قائلة "كنت بشجع نفسي بفكرة إني لو حصلي حاجة وأنا في بلد مش بلدي فشجعت نفسي واللي معايا أننا مانخفش عشان نلاقي اللي يسترنا، في اللحظة اللي بدأت فيها أغسل ما كنتش بعيط كانت دموعي بتنزل لوحدها، وكانت مس أسماء ماسكة إيدي كأنها بتقولي هنكمل ومش هنخاف، الله يكون في عون الناس اللي دي مهنتهم موقف صعب جدا"، وبعد أن انتهيت صليت لله شكر لأنه ألهمني الثبات".
ووتكمل حديثها "حالتي وأنا داخل
المستشفى الوضع له رهبة، تشعر بأن بينك وبين الله خط قريب جدا، وأحاول أن انشغل
بالعمل لكي لا اتاثر نفسيا"، مشاعر مختلطة ما بين شعورك بالفرح لشفاء الحالات
وخروجها، ثم في الوقت نفسه تجد آخرين توفاهم الله الموضوع كبير وصعب شرحه.
وتروى شرين لحظات كانت تهون عليها صعوبة مهمتها والتي تمثلت فى الرسومات
التى كانت ترسلها لها بناتها التى كانت إحداهما تقيم لدى والدتها والأخرى لدى
شقيقتها، وتقول "كانوا يرسمون لى رسومات
معبرة عن الكورونا ويقولوا "ماما بتحارب الكورونا "، وكنت دائما
أضع هذه الرسومات أمامي لكي أتشجع بها".
مركب واحد
تعبر شيرين عن روح الفريق التي كانت داخل مستشفى العزل قائلة "شاهدنا سويا
لحظات سعيدة ولحظات حزينة، فكنا نتواصل مع المرضى حتى لا يتأثروا نفسيا بمسألة
العزل، كنا نأتي بكراسات الرسم والألوان للأطفال، أما الكبار فكنا نعطيهم مصاحف
ومصليات ونتحدث معهم، تعلقنا ببعضنا وكنا نخاف على بعضنا، جميعا لدينا الإحساس
بأننا في مركب واحد ولابد أن نخرج منه على خير، ونكمل مسيرتنا ونؤدى واجبنا كما
ينبغي".