السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

الدكتورة منى جاد تكتب: الولادة القيصرية ونوع التخدير

السبت 05/ديسمبر/2020 - 09:29 م
مني جاد
مني جاد


أختي الغالية.. ابنتي العزيزة

 بعد سنوات طويلة من عملي في غرف العمليات المختلفة مع التخصصات كافة، وجدت أن العملية الوحيدة التي تعد حدثًا سعيدًا بكل المقاييس هى عملية الولادة؛ ولادة روح وحياة وأمل جديد. 

بداية مسمى جديد لكل أم، كرّمها الرحمن بجنة تحت قدميها بإذنه تعالى، يوم تجتمع فيه عائلتي الأب والأم بكل سعادة وترقب أراها جلية على وجوههم؛ ولذا مشاركة مني لكِ لهذه اللحظات الفارقة التي ستظل عالقة في ذهنك وددت أن أوجه لكِ بعض النصائح المهمة المرتبطة باختيار نوع التخدير "تخدير كلي أم نصفي"؛ حرصًا مني على سلامتك وسلامة مولودكِ.

عند الاستعداد لغرفة العمليات وبعد صيام تام من فترة لا تقل عن (6-8) ساعات؛ لأن الهضم يكون أبطأ مع الحوامل عنه مع بقية المرضى؛ وذلك حرصًا على سلامتك، عليكِ عزيزتي مع تغيير ملابسك خلع ثوب الرهبة والتخلي عن أفكارك وقناعاتك الخاصة ونصائح المحيطين من الأهل وامنحي الفرصة لطبيبك الخاص باختيار نوع التخدير المناسب لكِ؛ لأنه هو الأقدر بحكم عمله باختيار الأفضل لكِ ولمولودك.

من الناحية العلمية، فإن تمت مقارنة التخدير الكلي ببديله النصفي ترجح طبعًا كفّة التخدير النصفى، إلا إذا كانت الأم تعاني من بعض الأمراض التي تتعارض معه على سبيل المثال بعض أمراض القلب أو سيولة الدم أو تشوهات العمود الفقري. التخدير النصفي يمنح الأم ومولودها مزايا تفوق التخدير الكلي، فبالنسبة للأم هو أكثر أمانًا لها فيجنبها التخدير الكلي وما يتطلبه من تركيب أنبوب حنجري ووضعها على جهاز التنفس الصناعي بكل مخاطره، من ناحية أخرى التخدير النصفي علاوة على أنه يعفى الأم من آلام العملية والجرح بصفة أكبر ولفترة أطول من التخدير الكلي فهو - أيضًا - يقلل فقد الدم منها خلال العملية.

أما بالنسبة للمولود فالتخدير النصفي يمتاز بلا شك عن بديله الكلي الذي يعرضه لمشاركة الأم في كل أنواع المخدرات المستخدمة فيه عن طريق الدورة الدموية للمشيمة؛ مما قد يؤثر عليه سلبًا خاصة إذا تأخر استخراجه من بطن الأم أو إذا كان هو نفسه متأخرا في النمو أو تقررت ولادته قبل نهاية أشهر الحمل؛ مما يزيد فرصة دخوله الحضانة، وذلك خلاف التخدير النصفي الذي لا يحظى المولود منه بشيء فهو قاصرٌ على الأم.

تعالي نتخيل سويًا أنه لو حضرتِ معنا عمليتين للولادة القيصرية إحداهما تم تخديرها كليًا والأخرى نصفيًا، أنا متاكدة من اختيارك للتخدير النصفي؛ بناءً على ما ستشاهدينه من خطوات تتم في حال التخدير الكلي، كما أنني لاحظت على مدى سنوات عملي أن الأم التي تعرضت للنوعين، غالبًا ما تفضل النصفي عن الكلي، فلا تلتفتي لثقافات ومعتقدات عامة تخالف أرض الواقع داخل حجرات العمليات، أما عن مخاوفك التي أعلمها من ألم حقنة التخدير النصفي نفسها فأصدقكِ القول من واقع مئات الأمهات اللاتي قمت بتخديرهن أن كان انطباعهن أنها أسهل بكثير من توقعاتهن. 

وعن المضاعفات فبالنسبة لألم الظهر فدائما التخدير النصفي متهم بريء فيه؛ لأن هناك عوامل كثيرة أخرى مسببة أغلبها مرتبط بالحمل وبالأم نفسها، ومن الطريف أن قابلت أمهات كثيرات عندهن اعتقاد راسخ أن ذلك الألم سوف يتكرر سنويًا في نفس اليوم والساعة مثل تعامد الشمس سنويا على وجه رمسيس وطبعًا ذاك الاعتقاد عار تمامًا من الصحة، أما عن مشكلة الصداع فلها سبل وقاية كثيرة وأيضًا علاج والحمدلله. 

أهم ما في التخدير النصفي من رأيي هو حضورك بكامل وعيك لحظات تكونين حقًا خاسرة لو أضعتيها باختيارك للتخدير الكلي. 

لحظات مشاعر أمومة حقيقية غالية، كيف لكِ أن تتحملي تسعة أشهر؟، وهنا على وهن تعب واشتياق وتتخلى عن ثمرة صبرك أول لحظة تسمعين وتشاهدين فيها وليدك ينير حياتك، أما عن أول لمسة وقبلة منكِ له أعتقد أنه يستحقها بجدارة من أجمل أم.

ads